للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنجوت، فقال له: اذهب حيث شئت ولا تُقم بالمدينة. فذهب إلى محل بطريق الشام تمر به تجارة قريش فأقام به واجتمع معه عدد من المسلمين الذين فروا -كذلك- من قريش، واجتمع إليهم عدد من الأعراب وقطعوا طريق التجارة على قريش وأثاروا الرعب بينهم.

فأرسلت قريش تستغيث بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وتطلب منه إبطال هذا الشرط، وتعطيه الحق في إمساك من جاءه مسلمًا، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- منهم، وأراح الله المسلمين من هذا الشرط الذي كانوا متألمين منه.. وعلموا أن رأي الرسول -صلى الله عليه وسلم- أعظم وأفضل من رأيهم.

وبذلك يتبين لنا أن شروط الصلح في حقيقتها نصر للمسلمين وفتح مبين، حتى قال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه: ما كان فتح في الإسلام أعظم من فتح الحديبية.

ولكن الناس قصر رأيهم عمّا كان بين محمد -صلى الله عليه وسلم- وربه، والعباد يعجلون، والله لا يعجل لعجلة العباد، حتى تبلغ الأمور ما أراد ...

وصدق الله العظيم، فلقد سمي صلح الحديبية: فتحًا مبينًا وأنزل في شأنه سورة الفتح، وقال في أولها:

{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً، وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً} .

<<  <   >  >>