للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حبهم لهذا الحجر المبارك، وينتقل ذلك من قبيل إلى قبيل ومن جيل إلى جيل.

وقد فرض الله الحج على كل مسلم مستطيع وجعله الركن الخامس من أركان الإسلام، وجعل من أركان الحج الطواف ببيت الله الحرام، وجعل من شروط الطواف أن يكون الحجر نقطة البدء ونقطة النهاية في المطاف، ومن السنن المأثورة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- استلامه وتقبيله ... ١.

بيد أن بعض المسلمين على طول الزمن وبعد العهد بالرسول -عليه الصلاة والسلام- قد تغير تفكيرهم فأصبحوا يغالون في تعظيم هذا الحجر حتى لقد خيل إليهم أن الحج لا ينفع إلا بتقبيله ووضع الجباه عليه، وقد رأيت بنفسي فريقًا منهم يطوفون بالبيت حتى إذا جاءوا أمام الحجر الأسود لم يكتفوا بالإشارة إليه كما هو المطلوب عند الزحام، بل سلكوا من أجل الوصول إليه سبيلًا يوقظ الفتنة ويزري بالكرامة، فترى الرجل منهم يدفع نفسه نحو الحجر مزاحمًا بل مهاجمًا، وكأنه في حرب مع إخوانه الطائفين، وقد تكون معه أخته أو ذات رحمه، فيدفعها بعنف وقسوة حتى يرتطم وجهها ورأسها بالحجر، ثم يقول لها: "حجي، حجي" وكأنه يرى أن الحج لا ينفع ولا يتم إلا بهذه الطريقة٢.

وبمثل هذه التصرفات ينفتح المجال أمام الخرافات والأباطيل التي لا تعتمد


١ سنية ذلك متفق عليها بين البخاري ٢/ ٢١٠ ومسلم ٢/ ٢٢٥، وغيرهما من حديث جابر، وابن عمر، وابن عباس، وعمر بن الخطاب وغيرهم. وسيأتي بعض ذلك.
٢ نعم لا ينبغي للمسلم أن يصل إلى هذا الحد، فإنه عند الزحام تكفيه الإشارة، ولذلك بوب البخاري في صحيحه: "باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه".
وأورد حديث ابن عباس: "طاف النبي -صلى الله عليه وسلم- على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه" رقم ١٦١٢.

<<  <   >  >>