للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: إن جبريل أخبره بحجر هو "الحجر الأسود". فأخذه ووضعه في موضعه، فلما ارتفع البنيان كان إبراهيم يقف على حجر وإسماعيل يناوله، وهذا الحجر هو مقام إبراهيم، وهكذا تعاون إبراهيم وإسماعيل حتى رفعا قواعد البيت وأتما بناءه.

ومن هذه الرواية الهادئة وما يؤيدها من روايات ذكرتها أمهات الكتب التاريخية يتبين لنا أن الحجر الأسود لم ينزل من الجنة، وإنما هو من أحجار جبل أبي قبيس١، وقد أراد الله أن يوضع في ركن من أركان بيته المحرم ليكون علمًا، أي علامة يبدأ منها الطواف وينتهي إليها.

فلما أذن إبراهيم في الناس بالحج كان الحجر الأسود موضع بدء الطواف ونهايته، وكان الطائفون يبدأون باستلامه وكأنهم يسجلون أنفسهم في هذا السجل الخالد٢، ويقترن ذلك في نفوسهم بأجل الذكريات عن النبي الكريم، فيزداد


= وقد أخرج ابن سعد في طبقاته ١/ ٣٥ في باب "ذكر من ولد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأنبياء" عن ابن عباس نزول آدم، وأنه نزل معه العصا لموسى والحجر الأسود وغيرهما وفيه:
"فلما حج آدم وضع الحجر الأسود على أبي قبيس، فكان يضيء لأهل مكة في ليالي الظلم كما يضيء القمر ليلة البدر....". فهذا يؤيد ما ذكرناه، على أن جميع ما نقلناه في هذه الحاشية لا يصح من قبل الإسناد، لكننا نرد عليه بروايات هي مثل رواياته أو أحسن بقليل.
ثم نذكر بأن جميع هذه الروايات كما ترى غير متعارضة.
فالعجب كل العجب ممن اضطرنا لنسود كل هذه الصفحات، لدفع هذه التحليلات الفاسدة.
١ فانظر لقلة اطلاعه.
٢ وقد ورد في ذلك حديث عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ليبعثن الله هذا الركن -يعني الحجر- يوم القيامة، له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد لمن استلمه بحق".
أخرجه الترمذي ١/ ١١٣، وابن خزيمة وصححه ٢٧٣٥، وأحمد في "المسند" ١/ ٢٦٦، وهو حديث جيد قوي الإسناد، وقد حسنه الترمذي. وهذه أيضًا خاصة من خواص ذلك الحجر، الذي ما زال المؤلف يستخف بثبوت أوصافه!!.

<<  <   >  >>