للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحصين بن نمير، وصب طوقًا من الفضة حول الحجر ليثبته في موضعه، ولكن الفضة تزلزلت بعض الوقت وتعلقت حول الحجر حتى خشي الناس عليه أن يسقط من مكانه. فلما ذهب الرشيد إلى الحج، أمره بالحجارة التي بينها الحجر الأسود فثقبت بالماس من فوقها ومن تحتها.

ويذكر التاريخ: أن عدو الله أبا طاهر القرمطي وفد إلى مكة سنة ٣١٧هـ وفعل فيها هو أصحابه أمورًا منكرة، ومنها: أن بعضهم ضرب الحجر الأسود بدبوس فكسره ثم قلعه من موضعه وذهب به إلى البحرين، وبقي موضعه خاليًا كالعين المفقوءة، يذكر الناس بما أقدم عليه هؤلاء الآثمون من الذنب والخطيئة، ويضع الناس فيه أيديهم كما كانوا يلمسونه في حال وجوده، وبذل كثير من الولاة والحكام المسلمين محاولات عنيفة لاسترداده، ولكن لم يتم ذلك إلا -في سنة ٣٣٩هـ. وقال القرامطة عند رده: "أخذناه بقدرة الله، ورددناه بمشيئة الله"١.

والقرامطة -كما عرف من تاريخهم- جماعة من أصحاب المذاهب الهدامة والعقائد الفاسدة٢ وقد أرادوا بخلع الحجر إحداث فتنة بين المسلمين تؤدي إلى ما يريدونه لأنفسهم من النفوذ والسلطان، فلما وجدوا أنهم سيكونون وقودًا لتلك الفتنة أرغموا على رده إلى موضعه، وستروا أغراضهم السيئة بقولهم: "أخذناه بقدرة الله، ورددناه بمشيئة الله".

أما من ناحية التشهير بالمسلمين عن طريق هذا الحجر، فإنه لم يخل عصر من العصور من محاولات يقوم بها الملاحدة للنيل من مبادئ الإسلام وتعاليمه،


١ ذكر هذه الحادثة ابن الجوزي في "المنتظم" ص٣٨١١ في حوادث سنة ٣١٧ هجرية، وذكر أنه قلع مع الحجر باب البيت، وقبة زمزم، وفعل قتلًا وسلبًا أخزاه الله:
وكذلك ذكر هذه الواقعة ابن كثير في "البداية" ١١/ ١٦٠-١٦١ مع مزيد تفصيل.
٢ وقد ذكر ابن كثير من ذلك أشياء في "البداية" ١١/ ١٦٢ فيها كفر صريح.

<<  <   >  >>