ويرون في الحجر الأسود نقطة ضعف يمكن أن ينفذوا منها إلى أغراضهم الخبيثة ... أجل، إنهم يقولون: إن الحجر الأسود بقية من بقايا الوثنية، وإن وجوده بالبيت الحرام وتقبيل الناس له وتضرعهم إلى جواره إحياء لعبادة الأصنام.. ونحن نقول لهم: ليأت لنا هؤلاء بمسلم واحد يعرف مبادئ الإسلام يؤمن بأن هذا الحجر ينفع أو يضر، أو يشفع لمذنب أو يستجيب لداع، فإن لم يفعلوا -ولن يفعلوا- فليقفوا عند حدهم، وليعلموا أن تعاليم الإسلام ومبادئه قد استمدت قوتها من الحجة والبرهان، وليس فيها ما ينأى عن الحكمة ويستعصي على الفهم، وأن هذا الحجر الماثل في ركن الكعبة إنما هو نقطة يبدأ منها الطواف وينتهي إليها، وأن تقبيله واستلامه ليس تقديسًا ولا عبادة، وإنما هو تسجيل عملي لبدء الطواف وانتهائه ... والحجر الأسود -بعد ذلك- أثر تليد يحمل إلى الإجيال -عبر القرون- ذكرى إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- وهي ذكرى خالدة تعتز بها النفوس، ويقوى في ظلها الإيمان ...