للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

برجليه حتى جلس في أسفل مرقاة المنبر، وثار الناس إليه، فحمد وأثنى عليه ثم قال١:

"أيها الناس، بلغني أنكم تخافون عليّ الموت، كأنه استنكار منكم للموت، وما تنكرون من موت نبيكم؟ ألم أنع إليكم وتنع إليكم أنفسكم؟ هل خُلِد نبي قبلي فيمن بعث فأخلد فيكم؟ ألا إني لاحق بربي وإنكم لاحقون به.

وإني أوصيكم بالمهاجرين الأولين خيرًا، وأوصي المهاجرين فيما بينهم، فإن الله -عز وجل- قال: {وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} ٢.

وإن الأمور تجري بإذن الله، فلا يحملنكم استبطاء أمر على استعجاله، فإن الله -عز وجل- لا يعجل لعجلة أحد، ومن غالب الله غلبه، ومن خادع الله خدعه: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} ٣.

وأوصيكم بالأنصار خيرًا، فإنهم الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلكم: أن


١ هذه الرواية التي أوردها المصنف أولًا من خروجه -صلى الله عليه وسلم- بين الفضل والعباس تقدمت صحتها، وأما هذه الخطبة التالية فواهية ضعيفة، كما جزم بذلك أهل السير، لتفرد سيف بن عمر بها، وهو واهٍ وأفحش القول فيه ابن حبان واتهمه.
ولذلك صدر القسطلاني هذه الخطبة بقوله: حديث ضعيف ٤/ ٥٣٢.
قلت: وما يدلك على ضعف هذا الحديث وهذه الخطبة، ما صح في الصحيحين من إنكار عمر أن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مات، وما جرى في ذلك من اللغط الكبير عند جماعة من الصحابة.
فلو كان -صلى الله عليه وسلم- قد قال هذا الحديث، فكيف يخفى على عمر وأمثاله وجماهير الصحابة، مع أنه لا يمكن أن ينتشر حديث وقتها مثل انتشاره لو كان.
٢ سرة العصر، الآيات ١-٢-٣.
٣ سورة محمد، الآية ٢٢.

<<  <   >  >>