للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العصور في كتب يضيق بها الحصر والتعداد، وسوف تظل الكتابة فيها متصلة الحلقات إلى أن تنفطر السماء وتنكدر النجوم وتبدل الأرض غير الأرض والسماوات.

وواجب المؤرخ الذي يتصدى للسيرة النبوية أن يستضيء أول ما يستضيء بكتاب الله عز وجل، ثم يلي ذلك في الأهمية كتب السنة الصحيحة.. ولكن القرآن الكريم والسنة النبوية لا يتعرضان إلا لبعض النواحي الخاصة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم. ويتعرضان لها في إجمال يحتاج إلى كثير من التوضيح والتفصيل.

ومن هنا كان لا بد من المراجع الأساسية في التاريخ١. وأهما: سيرة ابن هشام ٢ وتاريخ الأمم والملوك للطبري٣. وقد نقل هذان كتابيهما عن كتاب ابن إسحاق في السيرة٤، والطبقات الكبرى لمحمد بن سعد ٥ في جزءيه


١ بعد أن تخضع جميع رواياتها للنقد العلمي، وبيان الصحيح من غيره منها.
٢ هو أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري، المتوفى سنة ٢١٣ أو ٢١٨ هجرية على خلاف في ذلك.
٣ هو أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، المتوفى سنة ٣١٠ هجرية.
٤ ابن إسحاق، هو محمد بن إسحاق بن يسار، أبو عبد الله المدني القرشي، المتوفى سنة ١٥٠ للهجرة، أو بعدها بقليل، على خلاف في ذلك.
وأما قول المؤلف بأن الطبري، وابن هشام أخذا كتابيهما من كتاب ابن إسحاق، ففيه نظر، فابن هشام، نعم، أخذ سيرة ابن إسحاق، ورواها جميعها عنها، وكان يضيف الشيء اليسير من تعليقاته على بعض فقراتها.
أما الطبري فربما حدث عن ابن إسحاق وربما حدث عن غيره، وله أسانيده الخاصة به في كتابه، التي هي في الغالب أحسن من أسانيد ابن إسحاق، وإن كان الطبري قد جاء بعده بزمان.
هذا في القدر المتعلق بالسيرة.
فإذا رجعنا لكتاب "تاريخ الأمم والملوك" جميعه؛ فإنه ينتهي فيه التأريخ في فواتح القرن الرابع الهجري، فهو أرخ لأكثر من مائتي سنة بعد وفاة ابن إسحاق أيضًا في كتابه المذكور، فكيف ينقل عنه!.
٥ المشهور بـ "كاتب الواقدي". المتوفى سنة ٢٣٠ هجرية، وكتابه اسمه "الطبقات الكبرى"، ذكر فيه السيرة النبوية، ثم أرخ لأهم الصحابة، والتابعين فمن بعدهم حتى زمانه، وترجم لكل راوٍ بشيء يذكر عنه، أو يروي من طريقه.
وقد قمت منذ سنين بجمع جميع ما وقع فيه من الأحاديث والسيرة المسندة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورتبتها في كتاب سميته: "سنن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأيامه".

<<  <   >  >>