للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسواء أكانت هذه الآية قد نزلت قبل أن يزيد عدد نساء الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن أربع أو نزلت بعد أن زاد عددهن، فإن المعروف أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد ظل غير مقيد بعدد خاص، حتى نزل قوله تعالى: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} ١.

فلم يتزوج بعد ذلك. وحينما لحق بربه كان في عصمته تسع نساء، فماذا عسى أن يكون موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الزوجات؟

إن أزواج الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أمهات المؤمنين، وقد أنزلهن الله هذه المنزلة السامية فقال سبحانه: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} ٢.

وقد جعل الله من كرامة الرسول -صلى الله عليه وسلم- عنده ألا تتزوج واحدة من نسائه من بعده، فتحرم على الناس ذلك بقوله سبحانه في نفس السورة: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً} ٣.

وإذا كان الله قد حرَّم على نساء الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يتزوجن من بعده فكيف يطلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- النساء الزائدات عن الأربع ويقضي عليهن بالترمل أبدًا، بينما يباح الزواج لأية امرأة إذا طلقها زوجها؟


١ سورة الأحزاب، الآية ٥٢.
والآية مختلف فيها هل هي منسوخة أم لا، وانظر تفاصيل ذلك في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٤/ ٢١٩وما بعدها.
وكذلك اختلفوا في تأويلها على الوجه الذي ذكره، كما تجده في الجامع ١٤/ ٢٢٠ أيضًا.
٢ سورة الأحزاب، الآية ٦.
٣ سورة الأحزاب، الآية ٥٣.

<<  <   >  >>