للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن من حق زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي أم المؤمنين أن تظل طول حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لابسة هذا الثوب الكريم الذي جمَّلها الله به تعويضًا لها عما يمكن أن يصادفها من حرمان لا تتعرض له غيرها من سائر زوجات المسلمين بعد وفاة أزواجهن.

وقد قضى الله بذلك حيث قال لرسوله صلى الله عليه وسلم: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً} ١.

فهذه الآية تقضي بألا يزيد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في عدد زوجاته٢، وألا يبدل زوجة بأخرى مهما كانت الظروف والأحوال٣.

ونعود فنقول لهؤلاء المرجفين الذين يتهمون النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه رجل شهواني: رويدكم أيها المضللون وحسبكم.

إن الرجل الشهواني لا يطيق أن يصبر على عدد معين من النساء، لأن يرى لذته في أن ينتقل من زوجة إلى زوجة فيقضي مع هذه أسبوعًا أو شهرًا، ثم يبحث عن أخرى ليقضي معها الوقت الذي يليه، وذلك أمر ميسور للأشخاص العاديين الذين يستجيبون لشهواتهم. فنرى الرجل منهم إذا أراد أن يتزوج بامرأة أعجبه حسنها، وكان تحت يده أربع نساء يطلق الرابعة، ثم يتزوج بمن يشاء وتظل هذه العملية تتكرر كلما صرخ سعار الشهوة في نفسه، وبهذه الطريقة


١ سورة الأحزاب، الآية ٥.
٢ هذا إن لم تكن الآية منسوخة، بحسب قول جماعة من العلماء كما قدمت.
٣ وقد ذكر بعض أهل التفسير أن المقصود ليس مجرد أن يطلق، ثم يبدو له أن يتزوج غيرها.
ولكنه بدل معروف كان في الجاهلية، كما تكلم على ذلك القرطبي ١٤/ ٣٢١.

<<  <   >  >>