للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أول خطوة خطاها قصي: أن جمع أفراد قريش المبعثرين في نواحٍ متعددة إلى وادي مكة. فاستحق بذلك لقب "المجمع"، وجعل لكل بطن حيًّا خاصًّا على مقربة من الكعبة.

وكان الناس قبل ذلك لا يجرؤون على البناء بجوار الكعبة مبالغة في تقديسها؛ ولكن قصيًّا كانت حجته في ذلك أن يقيم على مقربة من البيت حماة له يتعهدونه بالصيانة ويدفعون عنه الخطر.

ولم يترك بين الكعبة والبيوت التي بنتها بطون قريش إلا بمقدار ما يسمح بالطواف، وقد أنشأت هذه البطون أحياء حصينة حول الكعبة من نواحيها الأربع.. وابتنى قصي لنفسه قصرًا جعل بابه يؤدي مباشرة إلى الكعبة. وكان هذا القصير يسمى دار الندوة، وكان قصي يتولى رئاسة هذه الدار، وقد جعل من اختصاصها البت في كل الشئون العامة من تجارية وحربية وغيرها بعد مناقشتها، وكان لا يسمح بدخول هذه الدار إلا لمن بلغ عمرهم الأربعين سنة إلا إذا كان من سلالة قصي، وكان حكيمًا ومفوهًا. وكان القرشيون إذا أرادوا دخول الحرب يتلقون اللواء من يدي قصي، ومعنى ذلك أن هو القائد الأعلى في هذا المجال ... وكانت عملية الزواج تتم في دار الندوة، فكان لا يتزوج رجل أو امرأة إلا من تلك الدار.

وقد استطاع قصي بأعماله أن ينمي في نفوس الناس صفة الكرم وحسن الضيافة فحمل الناس وشجعهم على دفع ضريبة سنوية تسمى: الرفادة، كان يقصد منها المعاونة على إطعام الحجاج الفقراء وغيرهم ممن يهبطون مكة في أيام منى ... فجرى الأمر على ذلك في الجاهلية والإسلام، حيث لا يزال الولاة والملوك يعدون مثل هذا الطعام في كل عام.

<<  <   >  >>