للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن هما الذبيحان اللذان قصدهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث؟

أما الذبيح الأول: فهو إسماعيل -عليه السلام- وهو أبو العرب المستعربة -كما قدمنا- والجد الأكبر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قوله سبحانه وتعالى عن إبراهيم عليه السلام:


= كنت أرى مشايخ الحديث قبلنا وفي سائر المدن التي طلبنا الحديث فيها، وهم لا يختلفون أن الذبيح إسماعيل، وقاعدتهم قول النبي، صلى الله عليه وسلم: "أنا ابن الذبيحين "، إذ لا خلاف أنه من ولد إسماعيل، وأن الذبيح الآخر أبوه الأدنى عبد الله بن عبد المطلب.
والآن أجد مصنفي هذه الأدلة يختارون قول من قال: إنه إسحاق، انتهى.
والحديث هذا أورده ابن كثير في تفسيره ٤/ ١٨ من سورة "الصافات"، وعزاه لابن جرير من طريق إسماعيل بن عبيد، عن عمر بن عبد الرحيم الخطابي عن عبد الله بن محمد العتبي، عن أبيه، عن عبد الله بن سعيد، عن الصنابحي.. فذكره فاختلف السند عنده في ثلاثة أشياء -وقال ابن كثير: هذا حديث غريب جدًّا.
ورواه الأموي في مغازيه، حدثنا بعض أصحابنا، أخبرنا إسماعيل بن عبيد، حدثنا عمرو بن عبد الرحمن، حدثنا عبيد الله بن محمد العتبي، حدثنا عبد الله بن سعيد حدثنا الصنابحي ... فذكره، فخالف في السند من وجهين.
وفي تاريخ ابن عساكر ٦/ ٢٠٥ في ترجمة إبراهيم عليه السلام:
وقد ذهب جماعة إلى أن الذبيح إسماعيل، وسياق القرآن يدل عليه، ويدل عليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا ابن الذبيحين" -ولم يسنده- واستدل بهذا الحديث صاحب "المواهب اللدنية" ١/ ١١٠، مع أنه لم يصححه.
وقد ذكر القرطبي في تفسيره ١٥/ ١١٣ من سورة "الصافات" حديث معاوية المتقدم وقال: لا حجة فيه، لأن سنده لا يثبت، على ما ذكرناه في كتاب "الأعلام في معرفة مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام" ولأن العرب تجعل العم أبا.
والحاصل أن الحديث هذا لا يثبت، لكن ظاهر القرآن يدل على أن الذبيح إسماعيل كما سيأتي، وانظر الخلاف في "تاريخ الطبري" ١/ ٢٥٠ وما بعدها، "زاد المعاد" ١/ ١٢١ وما بعدها، "حواشي الضعفاء الكبير" للعقيلي ٣/ ٩٤ وما بعدها، "فتح الباري" ١٢/ ٣٧٨، "تفسير ابن كثير" ٤/ ١٨، "تفسير القرطبي" ١٥/ ١١١ وما بعدها، وغير ذلك.

<<  <   >  >>