للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هي السائدة، إذ كانت تدين بها الغالبية العظمى والأكثرية الساحقة، حتى ليمكننا أن نقول عن العرب حينئذٍ غير مبالغين: إنهم كانوا قوما وثنيين!!.

ومن الإنصاف أن نقول: إن أهل مكة لم يستسلموا لعبادة الأصنام بسهولة، ولكنها وجدت مقاومة ومعارضة لم تلبث أن انهارت بقوة الحاكم وشدته، ومهد لذلك فسق جرهم وخروجها عن سبيل الحق، ومما يشير إلى هذه المقاومة ويدل على أن العرب كانوا قبل خزاعة يدينون بالتوحيد وما ورد في الشعر الجاهلي من نعي على عمرو بن لحي الخزاعي، وأسف على ما جلبه إلى مكة من الخطايا والآثام.. فيقول قائلهم:

يا عمرو إنك أحدثت آلهة ... شتى بمكة حول البيت أنصابا

وكان للبيت رب واحد أبدًا ... فقد جعلت له في الناس أربابا

لتعرفن بأن الله في مهل ... سيصطفي دونكم للبيت حجابا.

ومن الإنصاف لهذا العصر -كذلك- أن نقول: إن هناك أفرادًا قلائل قد استطاعوا بين هذه الظلمات المتكاثفة أن يصلوا إلى طريق الحق ويهتدوا إلى فساد عبادة الأصنام بعقولهم، ويدركوا أن هناك إلهًا واحدًا لا شريك له ولا معقب لحكمه، وهؤلاء هم الحنفاء "أي الذين مالوا عن الباطل واتبعوا الدين الصحيح" ... ومنهم زيد بن عمرو بن نفيل، وهو ابن عم عمر بن الخطاب. ويذكرون عنه أنه ترك عبادة الأصنام وصار يطوف ببلاد العرب وما جاورها يبحث عن دين إبراهيم -عليه السلام- حتى هداه الله إلى الحق ... وهو الذي قال بعد أن ترك عبادة الأصنام ١:


١ "سيرة ابن هشام" ١/ ٢٤٢ وما بعدها.

<<  <   >  >>