للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأن يمرض بداءٍ عضالٍ لا يمكن البرء منه ولا معاشرته معه، أو يضارّها بأقواله أو أفعاله أو أخلاقه، أو يكيدها بعدم الإنفاق عليها، أو يعسر عن نفقتها، أو يغيب عنها المدة الطويلة بلا عذر.

فلا ريب في أنه قد تدعو الحاجة القاهرة إلى حل عقدة الزواج، وأن الحاجة قد تبعثهما معًا على الرغبة في الطلاق, وقد تحمل أحدهما، فلو لم يشرع الله سبيلًا لحل عقدة الزواج عند الحاجة القاهرة لنال بعض الأزواج حرج, وكانت بعض الزوجات مصدر شقاء دائم، مع أن الله شرع الزواج ليكون مصدر معونة متبادلة ورحمة ومودة.

وإنما أباح الله لكلِّ واحد من الزوجين أن يحل عقدة الزواج وحده, ولم يلزم تراضيهما وتوافق إرادتهما عليه, كما لزم تراضيهما على عقده؛ لأن الحاجة الملجئة إلى الطلاق قد تدعو أحدهما إلى الخلاص ويتعنت الآخر ولا يوافقه، فزوجة المشلول أو المجذوم تريد الخلاص من زوجيته وهو لا يرضى، وزوج المريبة يريد الخلاص من زوجيتها وهي لا ترضى، فلهذا لا يشترط تراضيهما على إيقاع الطلاق, بل لكلٍّ منهما الانفراد به دفعًا للضرر مع نفسه.

حكم الطلاق:

تعتريه الأحكام الخمسة.

الأول: وهو الأصل: الإباحة: وذلك عند الحاجة إليه إذا ساء خلق المرأة أو ساءت عشرتها.

ثانيها: الكراهة: وهو في حالة ما إذا لم يحدث من المرأة ما يسيء إلى الزوج أو يتضرر به منها، وليس به عجز من نفقتها أو إعفافها.

ثالثها: الندب: وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله تعالى مثل الصلاة ولا يمكنه إجبارها عليها.

رابعها: الوجوب: وهو في حالة الإيلاء وعدم فيء الزوج إلى زوجته في

<<  <   >  >>