للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حكمة تشريعه:

شُرِعَ الطلاق في الإسلام١ ليستطيع الزوجان التخلص من رابطة الزوجية إذا تبيَّن أنها مصدر الشقاء, وأنه لا يمكن أن يتعاشر الزوجان بالمعروف, ولا أن يقوم كلٌّ منهما بحقوق الزوجية وواجباتها, وذلك لأسباب عدة.

منها: أن الزوجين قد يتبين لهما بعد المعاشرة الزوجية أن بينهما تباينًا في الأخلاق وتنافر في الطباع, وأن ما بذلاه من البحث والتحري في وقت الخطبة لم يظهر الحقيقة التي أظهرتها المعاشرة الزوجية, وأنهما مع هذا التباين والتنافر لا يتبادلان مودةً ولا رحمةً, ولا يقوم واحدٌ منهما بحقوق الزوجية وواجباتها, فلرفع الحرج عنهما فتح الله لهما بابًا للخلاص من هذا الشقاء والتباغض ليستبدل كلٌّ منهما زوجًا آخر قد يأتلف به ويتبادل معه المودة والرحمة: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} .

ومنها أنه قد يتحقق الزوجان أن أهم مقاصد الزواج وهو التوالد والاستمتاع الجنسي لا توصل إليه هذه الزوجية؛ لأن بعض النساء قد تكون عقيمًا مع زوجٍ وولودًا مع آخر، وكذلك بعض الأزواج قد يولد له من زوجةٍ ولا يولد له من أخرى, وكم زوجين عاشا عقيمين, فلما افترقا وُلِدَ له من زوجته الأخرى ووُلِدَ لها من زوجها الآخر، وكذلك الشهوة الجنسية قد تكون مفقودة لبعض النساء وغير مفقودة لأخرى، فمن الحكمة أن شرع الله سبيلًا لتخلص مثل هذين الزوجين من زوجية لا تحقق أغراضها.

ومنها أن الزوج قد يرتاب في زوجته, أو يجد فيها من العيوب الخُلُقيَّة أو الخَلْقِيَّة ما لا يستطيع معه المعاشرة بالمعروف والقيام بحقوق الزوجية.

ومنها: أن الزوجة قد تجد من زوجها ما يحملها على حل العقدة التي تربطهما


١ كما شرع الطلاق في الإسلام شرع في اليهودية والنصرانية، غير أنه في اليهودية لا يباح إلّا لسبب من ثلاثة: الزنا، والعقم، وعيب الخلق والخلق, وفي النصرانية من طلَّقَ زوجته إلّا لعلة الزنا يجعلها تزني, وفي الإسلام أبيح لأيِّ سبب يدعو إلى الخلاص.

<<  <   >  >>