للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبكيت فقال: "ما يبكيك؟ " قلت: ما والله على نفسي أبكي, ولكن أبكي عليك, فدعا عليه١ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم اكفناه بما شئت" قال: فساخت فرسه في الأرض إلى بطنها فوثب عنها ثم قال: يا محمد, قد علمت أن هذا عملك فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه, فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب وهذه كنانتي فخذ منها سهمًا, فإنك ستمر على إبلي وغنمي في مكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا حاجة لنا في إبلك" ودعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانطلق راجعًا إلى أصحابه, ومضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أتينا المدينة ليلًا, فتنازعه القوم أيهم ينزل عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إني أنزل الليلة على بني النجار أخوال بني عبد المطلب, أكرمهم بذلك" فخرج الناس حين قدمنا المدينة في الطريق وعلى البيوت من الغلمان والخدم يقولون: جاء محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما أصبح انطلق, فنزل حيث أمر.

قال البراء: وكان أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار بن قصي فقلنا له: ما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو في مكانه وأصحابه على أثري, ثم أتى بعده٢ عمر ابن أم مكتوم الأعمى أخو بني فهر فقلنا: ما فعل من وراءك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه؟ قال: هم الآن على أثري, ثم أتى بعده عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وبلال, ثم أتانا عمر بن الخطاب في عشرين راكبًا, ثم أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعدهم وأبو بكر معه.

قال البراء: فلم يقدم علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى قرأ عشرًا من المفصل, ثم خرجنا تلقاء العير فوجدناهم قد حذروا. أخرجه بتمامه أبو حاتم وأخرج الشيخان وغيرهما من حديث الهجرة إلى بلوغ المدينة.


١ على الطلب.
٢ المعروف أنه عبد الله ابن أم مكتوم، وأم مكتوم أم أبيه، وأبوه شريح بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>