٢ يوم غزوة أحد التي انتهت بقتل سبعين من المسلمين، وعزى الله تعالى المسلمين بقوله: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} وكان طلحة في غزوة أحد يتلقى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضربات السيوف، وطعنات الرماح، ورميات السهام؛ حرصًا على الخير للأمة بحياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسلامته, وقد شلت يده -رضي الله عنه- بدفعه سهمًا بها عنه -صلى الله عليه وسلم- وسيأتي هنا مزيد بيان للمؤلف في هذا الأمر, فلا عجب أن لقبه صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة بطلحة الخير، وما أعظم فوزه -رضي الله عنه- بمثوبته. والقول بأن تلقيبه بذلك كان في غزوة بدر ضعيف, كما أشار المؤلف إلى ذلك بقوله: وقيل: في وقعة بدر. وكانت غزوة بدر في شهر رمضان من السنة الثانية من الهجرة، وكانت غزوة أحد في شوال من السنة الثالثة من الهجرة. وروى الترمذي، والحاكم في مستدركه عن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على الأرض, فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله". ٣خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لهذه الغزوة في جمادى الأولى من السنة الثانية للهجرة من أجل عير لقريش عظيمة جمعوا فيها أموالهم، ولم يزل سائرا بمن معه من الصحابة حتى بلغ العشيرة، فوجد العير قد مضت، فرجع إلى المدينة ينتظرها حينما ترجع. ٤ بعد فتح مكة الأعظم وسقوط دولة الأوثان والأصنام، دخل الناس في دين الله أفواجًا، ودانت للإسلام جموع العرب. ولكن قبيلتي هوازن وثقيف أدركتهما حمية الجاهلية، واجتمع أشرافهم يتشاورون وقالوا: قد فرغ محمد من قتال قومه ففرغ لنا، فلنغزُه قبل أن يغزونا، فأجمعوا أمرهم على ذلك، وولوا رياستهم مالك بن عوف النصري، فاجتمع له جموع كثيره فيهم بنو سعد بن بكر، الذين كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسترضعا فيهم، وكان في القوم دريد بن الصمة المشهور بأصالة الرأي وشدة البأس في القتال، ولكن لم يكن له في هذه الحرب إلا الرأي، ثم إن مالك بن عوف أمر الناس أن يأخذوا معهم نساءهم وذراريهم وأموالهم ليكون خلف كل رجل أهله وماله يقاتل عنهم، فتمتلئ نفسه زيادة وحماسة وإقداما, فقال دريد: وهل يرد المنهزم شيء؟ إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك، فلم يقبل مالك مشورته، وجعل النساء صفوفًا وراء المقاتلة، ووراءهم