[الفصل الثامن: في ذكر نبذ من فضائله]
قال أبو عمر وغيره: شهد الزبير بدرًا والحديبية والمشاهد كلها، لم يتخلف عن غزوة غزاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى الذين قال عمر فيهم: توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو عنهم راض، وهاجر الهجرتين١، وفيه يقول حسان بن ثابت:
أقام على عهد النبي وهديه ... حواريه والقول بالفعل يعدل
أقام على منهاجه وطريقه ... يوالي ولي الحق والحق أعدل
هو الفارس المشهور والبطل الذي ... يصول إذا ما كان يوم محجل
له من رسول الله قربى قريبة ... ومن نصرة الإسلام مجد مؤثل
فكم كربة ذب الزبير بسيفه ... عن المصطفى والله يعطي ويجزل
إذا كشفت عن ساقها الحرب هشَّها ... بأبيض سباق إلى الموت يرقل
فما مثله فيهم ولا كان قبله ... وليس يكون الدهر ما دام يذبل
ثناؤك خير من فعال معاشر ... وفعلك يابن الهاشمية أفضل
"شرح" الهدي بفتح الهاء وإسكان الدال: السيرة، يقول: ما أحسن هديه أي: سيرته, والحواري: تقدم تفسيره, مؤثل أي: مؤصل والتأثيل والتأصيل بمعنًى، يقال: مجد أثيل أي: أصيل, وكشفت الحرب عن ساقها أي: اشتدت, ومنه: {يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} أي: عن شدة، وكذلك قامت على ساق, هشها لعله من الهش: الجمع والكسب، والهياشة مثل الحياشة، وهو ما جمع من المال واللباس فكأنه يجمع الناس ويكشفهم بسيفه, والأبيض: السيف والجمع: البيض, والإرقال: ضرب من السير نحو الخبب, ويذبل: اسم جبل.
ذكر شهادة النبي -صلى الله عليه وسلم- له بالشهادة:
تقدم حديث هذا الذكر بطرقه في باب ما دون العشرة وهو حديث
١ الهجرة إلى الحبشة، والهجرة إلى المدينة المنورة.