[الفصل الرابع عشر: في ذكر وفاته وما يتعلق بها]
...
الفصل الرابع عشر: في ذكر وفاته -رضي الله عنه- وما يتعلق بها
قال أهل السير: توفي أبو بكر -رضي الله عنه- ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء لثمانٍ بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة, ذكره في الصفوة.
وقال ابن إسحاق: توفي يوم الجمعة لتسع بقين من الشهر المذكور, ذكره أبو عمر, والأول أصح لما روت عائشة قالت: لما نقل أبو بكر قال: أي يوم هذا؟ قلنا: يوم الاثنين قال: فأي يوم قبض فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: يوم الاثنين قال: فإني أرجو فيما بيني وبين الليل قالت: وكان عليه ثوب فيه ردغ من مشق فقال: إذا أنا مت فاغسلوا لي ثوبي هذا, وضموا إليه ثوبين جديدين, وكفنوني في ثلاثة أثواب فقلنا: أفلا نجعلها جدادًا كلها؟ قال: نعم, إنما هو للمهلة قال: فمات ليلة الثلاثاء. خرجه البخاري وأحمد.
وفي رواية: أنها قالت قال أبي: في كم كفنتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: في ثلاثة أثواب سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة, فنظر إلى ثوب كان تحته يمرض فيه, وفيه ردغ من زعفران أو مشق فقال: اغسلوا هذا ثم زيدوا عليه ثوبين, ثم ذكرت باقي الحديث.
وفي رواية: في كم كفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: في ثلاثة أثواب قال: فكفنوني في ثلاثة أثواب, ثوبي هذا مع ثوبين آخرين, ثم ذكرت باقي الحديث, وقالت فيه: إنه قال: الحي أولى بالجديد وإنما هو للمهلة. وعن القاسم بن محمد قال: كفن أبو بكر في ريطة بيضاء وريطة ممصرة, خرجه ابن الضحاك.
"شرح" الردغ: اللطخ, والمشق -بكسر الميم: المغرة, والمهلة: الصديد والقيح, وهكذا جاء في هذه الرواية المهلة, ورأيتها مضبوطة في بعض نسخ الهروي بالضم وقال: وبعضهم بكسرها ولم يذكر الجوهري هذه اللفظة.
وحكى بعض المؤلفين فيها الفتح قال: وبعضهم يكسرها.
وقد جاء في بعض الطرق: وإنما هو للمهل وهو بالضم لا غير, والمراد به هنا الصديد والقيح وهو اسم مشترك يطلق أيضا على النحاس المذاب ودردي الزيت, قاله الجوهري.