عن ربيعة بن كعب قال: كان إسلام أبي بكر شبيهًا بالوحي من السماء, وذلك أنه كان تاجرًا بالشام فرأى رؤيا فقصها على بحيرا الراهب فقال له: من أين أنت؟ فقال: من مكة فقال: من أيها؟ قال: من قريش قال: فأي شيء أنت؟ قال: تاجر قال: إن صدق الله رؤياك فإنه يبعث نبي من قومك تكون وزيره في حياته وخليفته من بعد وفاته, فأسرّ ذلك أبو بكر في نفسه، حتى بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- فجاءه فقال: يا محمد ما الدليل على ما تدعي؟ قال:"الرؤيا التي رأيت بالشام" فعانقه وقبل بين عينيه وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله, قال أبو بكر: وما بين لابتيها أشد من سرور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإسلامي, خرجه الفضائلي.
وعن عائشة قالت: خرج أبو بكر يريد النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان صديقًا له في الجاهلية فلقيه فقال: يا أبا القاسم فقدت من مجالس قومك واتهموك بالعيب لآبائها وأديانها, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:"إني رسول الله أدعوك إلى الله عز وجل" فلما فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسلم أبو بكر وما بين الأخشبين أكثر منه سرورًا بإسلام أبي بكر, خرجه الحافظ أبو القاسم الدمشقي في الأربعين الطوال والحافظ ابن ناصر السلامي.
"شرح" الأخشبان: جبلا مكة, ومنه:"لا تزول مكة حتى يزول أخشابها" والأخشب: الجبل الخشن العظيم.
وعن أم سلمة قالت: كان أبو بكر خدنًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- وصفيًّا له, فلما بعث -صلى الله عليه وسلم- انطلق رجال من قريش إلى أبي بكر فقالوا: يا أبا بكر إن صاحبك هذا قد جن, قال أبو بكر: وما شأنه؟ قالوا: هو ذاك يدعو في المسجد إلى توحيد إله واحد ويزعم أنه نبي فقال أبو بكر: وقال ذاك؟ قالوا: نعم هو ذاك في المسجد يقول, فأقبل أبو بكر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فطرق عليه الباب فاستخرجه فلما ظهر له قال له أبو بكر: يا أبا القاسم ما الذي بلغني عنك؟ قال:"وما بلغك عني يا أبا بكر؟ " قال: بلغني أنك تدعو لتوحيد الله وزعمت أنك رسول الله فقال النبي -صلى الله عليه وسلم:"نعم يا أبا بكر, إن ربي -عز وجل- جعلني بشيرًا ونذيرًا, وجعلني دعوة إبراهيم وأرسلني إلى الناس جميعًا" قال له أبو بكر: والله ما جربت عليك كذبًا, وإنك لخليق بالرسالة لعظم أمانتك وصلتك لرحمك وحسن فعالك, مد يدك فأنا أبايعك, فمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده فبايعه أبو بكر وصدقه, وأقر أن ما جاء به