[الفصل الثاني: في ذكر اسمه]
وكان اسمه -رضي الله عنه- عبد الله وقيل: عبد الكعبة, فلما أسلم سماه النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد الله قاله جمهور أهل النسب, وأكثر المحدثين ذكر اسمه عتيقًا, واختلفوا في ذلك فقيل: إنه لقب به في الإسلام وهو أول لقب لقب به في الإسلام, قاله محمد بن حمدويه النيسابوري, وقال ابن إسحاق في جماعة: بل هو اسم سماه به أبوه ويروى ذلك عن عائشة -رضي الله عنها.
وروي عن موسى بن طلحة أنه سمته به أمه واختلفوا لم سمي عتيقًا؟ فقال الليث بن سعد في جماعة: سمي بذلك لعتاقة وجهه وجماله والعتق الجمال وقيل: إن الذي لقبه به لجمال وجهه رسول الله -صلى الله عليه وسلم, ذكره ابن قتيبة في المعارف. وعن موسى بن طلحة بن عبيد الله قال: كانت أمه لا يعيش لها ولد فلما ولدته استقبلت به البيت ثم قالت: اللهم إن هذا عتيقك من الموت, فهبه لي, فعاش فسمته عتيقًا وكان يعرف به. رواه الخجندي في الأربعين وغيره وقيل: كان له أخوان: عتق وعتيق فسمي باسم أحدهما, ذكره البغوي في معجمه وقال مصعب وطائفة من أهل النسب: إنما سمي عتيقًا؛ لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به.
وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: سمي بذلك؛ لأنه قديم في الخير والعتيق: القديم تقول منه: عتق بضم التاء عتقًا وعتاقة وقال آخرون: سمي بذلك لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من سره أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى هذا" فسمي عتيقًا لذلك, روته عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت: وإن اسمه الذي سماه به أهله لعبد الله, ذكره أبو عمر وغيره وعليه أكثر المحدثين.
وعن عبد الله بن الزبير قال: كان اسم أبي بكر عبد الله بن عثمان فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "أنت عتيق الله من النار" فسمي عتيقًا لذلك. خرجه الترمذي وأبو حاتم ولا تضاد بين هذه الأقوال كلها؛ إذ يجوز أن يكون أحد الأبوين لقبه بذلك لمعنى ثم تابعه الآخر عليه له أو لمعنى آخر, ثم استعملته قريش وأقرته عليه, ثم أقر عليه بعد الإسلام.
وما يروى عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا أبا بكر, أنت عتيق الله من النار" فمن يومئذ سمي عتيقًا فمعناه والله أعلم, فمن ذلك اليوم اشتهر به حتى لا يعرف له اسم سواه.