للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثامن: في هجرته مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وخدمته له فيها, وما جرى لهما في الطريق وما جرى لهما في الغار ومقدمهما المدينة, وذكر خروجهما من مكة طالبين غار ثور وما يتعلق بذلك

عن عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "قد رأيت دار هجرتكم, أريت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان" فهاجر من هاجر قبل المدينة حتى ذكر ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى الحبشة من المسلمين, وتجهز أبو بكر مهاجرًا فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "على رسلك, فإني أرجو أن يؤذن لي" قال أبو بكر: وترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: "نعم" فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لصحبته وعلف راحلتين كانتا عنده, ورق السمر أربعة أشهر, قالت عائشة: فبينا نحن جلوس يومًا في بيتنا في نحر الظهيرة إذ قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقبل متقنع في ساعة لم يكن يأتينا فيها, قال أبو بكر: فداه أبي وأمي, إن جاء به في هذه الساعة لأمر قالت: فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستأذن فدخل فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر: "أخرج من عندك" فقال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "قد أذن لي في الخروج" قال أبو بكر: فالصحبة بأبي أنت يا رسول الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "نعم" فقال أبو بكر: بأبي أنت يا رسول الله فخذ إحدى راحلتي هاتين, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "بالثمن" قالت عائشة: فجهزناهما أحسن الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب, وقطعت أسماء بنت أبي بكر من نطاقها وأوكت به الجراب؛ ولذلك سميت ذات النطاق, ولحق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بغار في جبل يقال له: ثور, فمكثا فيه ثلاث ليالٍ. خرجه البخاري وأبو حاتم وزاد في بعض طرق البخاري: يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف لقن, فيدلج من عندهما سحرًا فيصبح عند قريش كبائت فلا يسمع أمرًا يكادان به إلا وعاه حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>