للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيحين والفضائلي والطائي وغيره.

وعن طلحة بن عبيد الله قال: سماني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد طلحة


الإبل ثم البقر ثم الغنم؛ لكيلا يفر أحد من المقاتلة.
وقد سار صلى الله عليه وسلم إليهم في اثني عشر ألف مقاتل, حين بلغه استعدادهم لحربه وقد أعجب المسلمون بكثرتهم فلم تغن عنهم شيئًا، فإن مقدمة المسلمين توجهت جهة العدو, فخرج لهم كمين كان مستترا في شعاب الوادي ومضايقه، وقابلهم بنبل كأنه الجراد المنتشر، فلووا أعنة خيلهم متقهقرين، ولما وصلوا إلى من قبلهم تبعوهم في الهزيمة, لما لحقهم من الدهشة.
وقد ثبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على بغلته في ميدان القتال، وثبت معه قليل من المهاجرين والأنصار، وكان العباس آخذا بلجام البغلة، وأبو سفيان بن الحارث آخذا بالركاب، وكان عليه الصلاة والسلام ينادي: "أيها الناس" لا يلوي عليه أحد وضاقت بالمنهزمين الأرض بما رحبت.
وأما رجال مكة الذين هم حديثو عهد بالإسلام والذين لم ينزعوا عنهم ربقة الشرك، فمنهم من فرح، ومنهم من ساءه هذا الإدبار. قال أخ لصفوان بن أمية: الآن بطل السحر، فقال له صفوان وهو على شركه: اسكت، فض الله فاك، والله لأن يربيني رجل من قريش خير من أن يربيني رجل من هوازن, وقد بلغت هزيمة بعض الفارين مكة, كل هذا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- واقف مكانه يقول:
"أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب" ثم قال للعباس وكان جهوري الصوت: "ناد بالأنصار يا عباس" فنادى: يا معشر الأنصار، يا أصحاب بيعة الرضوان فأسمع من في الوادي، وصار الأنصار يقولون: لبيك لبيك، ويريد كل واحد منهم أن يلوي عنان بعيره، فيمنعه من ذلك كثرة الأعراب المنهزمين، فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ويأخذ سيفه وترسه، وينزل عن بعيره، ويخلي سبيله، ويؤم الصوت حتى اجتمع حول رسول الله جمع عظيم منهم، وأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين، وأنزل جنودا لم يروها، فكر المسلمون على عدوهم على قلب رجل واحد، فتفرق المشركون في كل وجه لا يلوون على شيء من الأموال والنساء والذراري، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون، فأخذوا النساء والذراري وأسروا كثيرًا من المحاربين، وهرب من هرب وجرح في هذا اليوم خالد بن الوليد جراحات بالغة، وأسلم ناس كثيرون من مشركي مكة لما رأوه من عناية الله بالمسلمين وأن في الذي حصل في هذه الغزوة لعبرة بالغة، فقد دخل جيش المسلمين أخلاط كثيرون من أعراب ومشركين وحديثي عهد بإسلام، وهولاء يستوي لديهم نصر الإسلام وخذلانه، ولذلك بادروا

<<  <  ج: ص:  >  >>