للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر ما فرض له من بيت المال:

عن حميد بن هلال قال: لما ولي أبو بكر قال أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم: افرضوا لخليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يغنيه قالوا: نعم برداه إذا أخلقهما وضعهما وأخذ مثلهما, وظهره١ إذا سافر, ونفقته على أهله كما كان ينفق قبل أن يستخلف, خرجه في الصفوة.

وعن إبراهيم بن محمد بن معبد بن عباس قال: كان رزق أبي بكر الصديق حين استخلف خمسين ومائتي دينار في السنة, وشاة في كل يوم يؤخذ منه بطنها ورأسها وأكارعها, فلم يكن يكفيه ذلك ولا عياله قالوا: وقد كان ألقى ماله في مال الله حين استخلف, قال: فخرج إلى البقيع فتصافق قال: فجاء عمر فإذا هو بنسوة جلوس فقال: ما شأنكن؟ قلن: نريد أمير المؤمنين وقال بعضهن: نريد خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقضي بيننا, فانطلق يطلبه فوجده في السوق قال: فأخذ بيده فقال: تعال ههنا فقال: لا حاجة لي في إمارتكم, رزقتموني مالا يكفيني ولا عيالي قال: فإنا نزيدك قال أبو بكر: ثلاثمائة دينار والشاة كلها قال: أما هذا فلا, فجاء علي وهما على حالهما تلك, فلما سمع ما سأله قال: أكملها له قال: ترى ذلك؟ قال: نعم قال: فقد فعلنا فقال أبو بكر: أنتما رجلان من المهاجرين لا أدري أيرضى بها بقية المهاجرين أم لا؟ فانطلق أبو بكر فصعد المنبر واجتمع إليه الناس فقال: أيها الناس, إن رزقي كان خمسين ومائتي دينار وشاة يؤخذ مني بطنها ورأسها وأكارعها, وإن عمر وعليا كملا لي ثلاثمائة دينار والشاة أفرضيتم؟ فقال المهاجرون: اللهم نعم قد رضينا فقال أعرابي من جانب المسجد: لا والله ما رضينا فأين حق أهل البادية؟ فقال أبو بكر: إذا رضي المهاجرون شيئًا فإنما أنتم تبع. خرجه أبو حذيفة إسحاق بن بشر في فتوح الشام وقد سبق طرف من ذلك في ذكر تواضعه في فصل فضائله, وذكر ابن النجار في كتاب أخبار المدينة أنهم


١ المطية يركبها في السفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>