ولا يقنط من رحمته, فإن أنت حفظت وصيتي فلا يك غائب أحب إليك من الموت ولست تعجزه. خرجه في الصفوة والفضائل وخرجه الرازي عن ابن أبي نجيح, وزاد: وإن لم تحفظ وصيتي فلا يك غائب أبغض إليك من الموت وقال بعد قوله أن يكون خفيفًا: وإنما جعلت آية الرجاء مع آية الشدة لكي يكون المؤمن راغبًا راهبًا, وإذا ذكرت أهل الجنة قلت: لست منهم وإذا ذكرت أهل النار قلت: لست منهم, وذلك أن الله -عز وجل- ذكر أهل الجنة وذكرهم بأحسن أعمالهم, وذكر أهل النار وذكرهم بأسوأ أعمالهم, وقد كانت لهؤلاء سيئات ولكن الله تجاوز عنها وقد كانت لهؤلاء حسنات ولكن الله -عز وجل- أحبطها.
وعن محمد بن سعد بإسناده أن جماعة من الصحابة دخلوا على أبي بكر لما عزم على استخلاف عمر فقال له قائلون منهم: ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا, وقد ترى غلظته؟ فقال أبو بكر: أجلسوني, أبالله تخوفونني خاب من تزود من أمركم بظلم, أقول: اللهم إني استخلفت عليهم خير أهلك, أبلغ عني ما قلت لك من وراءك, ثم اضطجع وجاء عثمان بن عفان وقال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد أبو بكر في آخر عهده بالدنيا خارجًا منها وعند أول عهده بالآخرة داخلًا فيها, حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر ويصدق الكاذب: إني استخلفت بعدي عمر بن الخطاب, فاسمعوا وأطيعوا فإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم إلا خيرًا, فإن عدل فذاك الظن به وعلمي فيه, وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب والخير أردت, ولا علم لي بالغيب {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وعن عائشة قالت: دخل ناس على أبي بكر فقالوا: تولي علينا عمر وأنت ذاهب إلى ربك, فماذا تقول له؟ قال: أجلسوني أجلسوني أقول: وليت عليهم خيرهم, خرجه أبو معاوية.