للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر قول أبيه أبي قحافة لما بلغه خبر وفاته:

حكى ابن النجار في أخبار المدينة أن أبا قحافة حين توفي أبو بكر كان حيًّا بمكة, نعي إليه قال: رزء جليل, وعاش بعده ستة أشهر وأيامًا وتوفي في المحرم سنة أربع عشرة بمكة وهو بسبع وتسعين سنة.

ذكر ثناء علي -رضي الله عنه- عليه عند وفاته:

عن أسيد بن صفوان وكان قد أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لما قبض أبو بكر فسجي عليه وارتجت المدينة بالبكاء عليه كيوم قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاء علي مسترجعًا وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة حتى وقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر وهو مسجى فقال: يرحمك الله يا أبا بكر, كنت إلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنسه ومستراحه وثقته وموضع سره ومشاورته, كنت أول القوم إسلامًا وأخلصهم إيمانًا وأشدهم يقينًا, وأخوفهم لله وأعظمهم غناء١ في دين الله وأحوطهم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأحدبهم على الإسلام وأيمنهم على أصحابه وأحسنهم صحبة وأكثرهم مناقب وأفضلهم سوابق, وأرفعهم درجة وأقربهم وسيلة وأشبههم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- هديًا وسمتًا ورحمة وفضلًا, وأشرفهم منزلة وأكرمهم عليه وأوثقهم عنده, فجزاك الله عن الإسلام وعن رسوله خيرًا, كنت عنده بمنزلة السمع والبصر, صدقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين كذبه الناس فسماك الله -عز وجل- في تنزيله صديقًا, فقال: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} الذي جاء بالصدق محمد -صلى الله عليه وسلم- وصدق به أبو بكر, واسيته حين بخلوا وقمت به عند المكاره حين عنه قعدوا, وصحبته في الشدة أكرم الصحبة {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} وصاحبه في الغار والمنزل عليه السكينة, ورفيقه في الهجرة, وخلفته في دين الله وأمته أحسن الخلافة حين ارتد الناس, وقمت بالأمر ما لم يقم به خليفة نبي, فنهضت حين وهن أصحابك وبرزت حين استكانوا وقويت حين ضعفوا, ولزمت منهاج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ هموا


١ نفعًا, كما سيأتي بيان ذلك للمؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>