أمرت به ولا علمت به ولا وجهت بهذا الغلام إلى مصر، وأما الخط فعرفوا أنه خط مروان، وسألوه يدفعه إليهم وكان معه في الدار فأبى وخشي عليه القتل, فخرج أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عنده غضابًا وعلموا أن عثمان لا يحلف بباطل، فحصره الناس ومنعوه الماء فأشرف على الناس وقال: أفيكم علي؟ قالوا: لا, قال: أفيكم سعد? قالوا: لا, فقال: ألا أحد يسقينا ماء? فبلغ ذلك عليا فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة ماء؛ فما كادت تصل إليه حتى خرج بسببها عدة من موالي بني هاشم وبني أمية، ثم بلغ عليا أنهم يريدون قتل عثمان فقال: إنما أردنا منه مروان فأما قتل عثمان فلا!! وقال للحسن والحسين: اذهبا بسيفكما حتى تقوما على باب عثمان فلا تدعوا أحدا يصل إليه؛ وبعث الزبير ابنه، وبعث طلحة ابنه؛ وبعث عدة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا على عثمان، ويسألونه إخراج مروان.
فلما رأى الناس ذلك رموا باب عثمان بالسهام حتى خضب الحسن بن علي بدمائه وأصاب مروان سهم وهو في الدار، وكذلك محمد بن طلحة, وشج قنبر مولى علي، ثم إن بعض من حصر عثمان خشي أن يغضب بنو هاشم لأجل الحسن والحسين فتنتشر الفتنة, فأخذ بيد رجلين فقال لهما: إن جاء بنو هاشم فرأوا الدم على وجه الحسن كشفوا الناس عن عثمان وبطل ما تريدون، ولكن اذهبوا بنا نتسور عليه الدار فنقتله من غير أن يعلم أحد, فتسوروا من دار رجل من الأنصار حتى دخلوا على عثمان وما يعلم أحد ممن كان معه؛ لأن كل من كان معه كان فوق البيت ولم يكن معه إلا امرأته، فقتلوه وخرجوا هاربين من حيث دخلوا، وصرخت امرأته فلم يسمع صراخها من الجلبة فصعدت إلى الناس فقالت: إن أمير المؤمنين قتل، فدخل عليه الحسن والحسين ومن كان معهما فوجدوا عثمان مذبوحا فانكبوا عليه يبكون, ودخل الناس فوجدوا عثمان مقتولا فبلغ عليا وطلحة والزبير وسعدا ومن كان بالمدينة, فخرجوا وقد ذهبت عقولهم حتى