ابنته فاطمة، فقال صلى الله عليه وسلم:"يا أبا بكر, لم ينزل القضاء بعد" ثم خطبها عمر مع عدة من قريش كلهم يقول له مثل قوله لأبي بكر، فقيل لعلي: لو خطبت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فاطمة لخليق أن يزوجكها، قال: وكيف وقد خطبها أشرف قريش فلم يزوجها؟ قال: فخطبها فقال صلى الله عليه وسلم: "قد أمرني ربي -عز وجل- بذلك" قال أنس: ثم دعاني النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أيام فقال لي:"يا أنس اخرج وادع لي أبا بكر الصديق، وعمر بن الخطاب, وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة، والزبير، وبعدة من الأنصار" قال: فدعوتهم, فلما اجتمعوا عنده -صلى الله عليه وسلم- وأخذوا مجالسهم وكان علي غائبا في حاجة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم:
$"الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه وسطواته، النافذ أمره في سمائه وأرضه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميزهم بأحكامه، وأعزهم بدينه، وأكرمهم بنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وإن الله تبارك اسمه وتعالت عظمته جعل المصاهرة سببًا لاحقًا، وأمرًا مفترضًا أوشج به الأرحام وألزم الأنام، فقال عز من قائل:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} فأمر الله تعالى يجري إلى قضائه, وقضاؤه يجري إلى قدره، ولكل قدر أجل ولكل أجل كتاب، يمحو الله ويثبت وعنده أم الكتاب، ثم إن الله -عز وجل- أمرني أن أزوج فاطمة بنت خديجة١ من علي بن أبي طالب فاشهدوا أني قد زوجته على أربعمائة مثقال فضة, إن رضي بذلك علي بن أبي طالب" ثم دعا بطبق من بسر فوضعه بين أيدينا ثم قال: "انهبوا" فنهبنا، فبينا نحن ننتهب إذ دخل علي على النبي -صلى الله عليه وسلم- فتبسم النبي -صلى الله عليه وسلم- في وجهه ثم قال: "إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضة, إن رضيت
١ مع أن نسبة الأولاد إلى الآباء، وفي غير هذا الحديث، قال صلى الله عليه وسلم: "فاطمة بنت محمد" ذكر هنا صلى الله عليه وسلم النسبة إلى خديجة والدة فاطمة، زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- المشهورة بالفضل، والعقل، وحسن التصرف والمعاملة، لفتًا إلى أن هذه الابنة كأمها.