للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى سرته كأنهن قضيب مسك أسود, ليس في جسده ولا في صدره شعرات غيرهن، وكان شثن الكف والقدم، وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر، وإذا التفت التفت بمجامع بدنه، وإذا قام غمر الناس، وإذا قعد علا الناس، وإذا تكلم أنصت الناس وإذا خطب أبكى الناس، وكان أرحم الناس بالناس، لليتيم كالأب الرحيم وللأرملة كالكريم الكريم، أشجع الناس وأبذلهم كفا وأصبحهم وجها، لباسه العباء وطعامه خبز الشعير وإدامه اللبن ووساده الأدم محشوا بليف النخل، سريره أم غيلان مرمل بالشريف، كان له عمامتان إحداهما تدعى السحاب والأخرى العقاب، وكان سيفه ذا الفقار ورايته الغراء وناقته العضباء, وبغلته دلدل وحماره يعفور وفرسه مرتجز وشاته بركة وقضيبه الممشوق ولواؤه الحمد، وكان يعقل البعير ويعلف الناضح ويرقع الثوب ويخصف النعل.

وعن زيد بن علي عن أبيه عن جده قال: أتي عمر بامرأة حامل قد اعترفت بالفجور فأمر برجمها، فتلقاها علي فقال: ما بال هذه? فقالوا: أمر عمر برجمها فردها علي وقال: هذا سلطانك عليها, فما سلطانك على ما في بطنها? ولعلك انتهرتها أو أخفتها, قال: قد كان ذلك, قال: أوما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا حد على معترف بعد بلاء, إنه من قيد أو حبس أو تهدد فلا إقرار له"؟ فخلى سبيلها.

وعن عبيد الله بن الحسن قال: دخل علي على عمر وإذا امرأة حبلى تقاد ترجم، فقال: ما شأن هذه? قال: يذهبون بها يرجموها, فقال: يا أمير المؤمنين لأي شيء ترجم? إن كان لك سلطان عليها فما لك سلطان على ما في بطنها, فقال عمر: كل أحد أفقه مني ثلاث مرات, فضمنها علي حتى وضعت غلاما، ثم ذهب بها إليه فرجمها، فهذه غير تلك والله أعلم؛ لأن اعتراف تلك كان بعد تخويف فلم يصح فلم ترجم، وهذه رجمت كما تضمنه الحديثان.

عن عبد الرحمن السلمي قال: أتي عمر بامرأة أجهدها العطش

<<  <  ج: ص:  >  >>