للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكلموه, فإن الله تعالى يقول: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} وقال بعضهم: ما يمنعنا من كلام ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يدعونا إلى كتاب الله? قالوا: ننقم عليه خلالا ثلاثا، قال: وما هن? قالوا: حكم الرجال في أمر الله -عز وجل- وما للرجال ولحكم الله?! وقاتل ولم يسب ولم يغنم، فإن كان الذين قاتل قد حل قتالهم فقد حل سبيهم وإن لم يكن حل سبيهم فما حل قتالهم، ومحا اسمه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير المشركين؛ قال: فقلت لهم: غير هذا? قالوا: حسبنا هذا؛ قال: قلت: أرأيتم إن خرجت من هذا بكتاب الله وسنة رسوله أراجعون أنتم? قالوا: وما يمنعنا? قلت: أما قولكم حكم الرجال في أمر الله فإني سمعت الله -عز وجل- يقول في كتابه: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} في ثمن صيد أرنب أو نحوه يكون قيمته ربع درهم، فرد الله الحكم فيه إلى الرجال، ولو شاء أن يحكم لحكم، وقال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} أخرجت من هذه? قالوا: نعم, قلت: وأما قولكم: قاتل ولم يسب ولم يغنم فإنه قاتل أمكم، وقال الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} فإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها أمكم فما حل سباها، فأنتم بين ضلالين، أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم، قال: وأما قولكم: محا اسمه من أمير المؤمنين، فإني أنبئكم بذلك عمن ترضون، أما تعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الحديبية وقد جرى الكتاب بينه وبين سهيل بن عمرو قال: "يا علي، اكتب: هذا ما اصطلح محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسهيل بن عمرو" فقالوا: لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال: "اللهم إنك تعلم أني رسولك" ثم أخذ الصحيفة فمحاها بيده، ثم قال: "يا علي اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمر" فوالله ما أخرجه الله بذاك من النبوة، أخرجت من هذا? قالوا: نعم. قال: فرجع ثلثهم، وانصرف ثلثهم، وقتل سائرهم على الضلالة. أخرجه بكار بن قتيبة في نسخته.

<<  <  ج: ص:  >  >>