زبير نشدتك بالله, أتذكر يوم مر بك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكان كذا وكذا وقال:"يا زبير أتحب عليا?" قلت: ألا أحب ابن خالي وعلى ديني؟! فقال:"يا علي، أتحبه?" قلت: يا رسول الله ألا أحب ابن عمتي وعلى ديني?! فقال: "يا زبير لتقاتلنه, وإنك له ظالم"؟ قال: نعم، والله لقد أنسيته منذ سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم ذكرته الآن، والله لا أقاتلك. فرجع الزبير على دابته يشق الصفوف، فعرض له ابنه عبد الله وقال: ما لك? قال: قد ذكرني علي حديثًا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"لتقاتلنه وأنت له ظالم" ولا أقاتله، ثم رجع منصرفا إلى المدينة، فرأى عبد الله بن جرموز، فقال: أي ها تورش بين الناس ثم تتركهم? والله لا نتركه، فلما لحق بالزبير ورأى أنه يريده، أقبل عليه الزبير فقال له ابن جرموز: اذكر الله، فكف عنه الزبير حتى فعل ذلك مرارًا، فقال الزبير: قاتله الله، يذكر بالله وينساه، ثم غافصه ابن جرموز فقتله. أخرجه الفضائلي وغيره.
"شرح" أي ها بمعنى كيف, والتوريش: التحريش، تقول: ورشت بين القوم وأرشت, وغافصه أي: أخذه على غرة.
قال أبو عمر: ويروى أن الزبير لما انصرف لقيه النغر -رجل من بني مجاشع- فقال: أين تذهب يا حواري رسول الله -صلى الله عليه وسلم? إليَّ فأنت في ذمتي لا يوصل إليك، فأقبل معه، فلحقه عميرة بن جرموز وفضالة بن حابس ونفيع في غزاة من غزاة بني تميم، فلقوه مع الثغر، فأتاه عمير بن جرموز من خلفه وهو على فرس له ضعيفة، فطعنه طعنة خفيفة وحمل عليه الزبير وهو على فرس يقال له: ذو الخمار، حتى ظن أنه قاتله, نادى صاحبيه: يا نفيع، يا فضالة فحملوا عليه حتى قتلوه. قال أبو عمر: وهذا أصح مما تقدم.