وأخرج أيضًا أن أبا عبيدة ولى سعيدًا دمشق، ثم خرج حتى أتى الأردن فنزلها فعسكر، وبعث عليهم خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان، فلما بلغ ذلك سعيد بن زيد كتب إلى أبي عبيدة:"سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإني ما كنت لأوثرك وأصحابك بالجهاد على نفسي وعلى ما يدنيني من مرضاة ربي، فإذا أتاك كتابي هذا فابعث إلى عملك من هو أرغب إليه مني، فإني قادم عليك وشيكا إن شاء الله تعالى. والسلام عليك" فلما بلغ الكتاب أبا عبيدة قال: ليتركنها, ثم دعا يزيد بن أبي سفيان فقال: اكفني دمشق.
ذكر احترام الولاة له, ووصية أم المؤمنين حين وفاتها أن يصلي عليها:
عن ابن سعيد بن زيد قال: كتب معاوية بن أبي سفيان إلى مروان بن الحكم بالمدينة يبايع الناس لابنه يزيد، فقال رجل من الشام: ما يحبسك? قال: حتى يجيء سعيد بن زيد فيبايع، فإنه سيد أهل البلد؛ فإذا بايع بايع الناس. قال: أفلا أذهب آتيك به? فجاء الشامي وأنا مع أبي في الدار، فقال: انطلق فبايع، فقال: انطلق، فسأجيء فأبايع؛ فقال: تنطلق أو لأضربن عنقك؛ قال: أتضرب عنقي? والله إنك لتدعوني إلى أقوام أنا قاتلتهم على الإسلام. قال: فرجع إلى مروان وأخبره، فقال له مروان: اسكت. قال: فماتت أم المؤمنين أظنها زينب، فأوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد، فقال الشامي لمروان: ما يحبسك أن تصلي على أم المؤمنين? قال: أنتظر الرجل الذي أردت أن تضرب عنقه، فإنها أوصت أن يصلي عليها، فقال الشامي: أستغفر الله. أخرجه البغوي في معجمه والفضائلي؛ وخرج ابن الضحاك منه قصة البيعة، وقال: سأل أهل المدينة ... إلخ ولم يذكر قصة الصلاة على الجنازة.