للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصبح حتى تركب، وإن أتاك نهارا أن لا تمسي حتى تركب إليَّ. فلما قرأ الكتاب قال: قد عرفت حاجة أمير المؤمنين، إنه يريد أن يستبقي من ليس بباق، ثم كتب: إني قد عرفت حاجتك التي لك، فخلني من عزمتك يا أمير المؤمنين، فإني في جند من أجناد المسلمين لا أرغب بنفسي عنهم. فلما قرأ عمر الكتاب بكى، فقيل له: مات أبو عبيدة? قال: لا. وكان قد كتب إليه عمر أن الأردن أرض غمقة، وأن الجابية أرض نزهة، فاظهر بالمسلمين إلى الجابية. فلما قرأ أبو عبيدة الكتاب قال: هذا نسمع فيه أمير المؤمنين ونطيعه. أخرجه أبو حذيفة والفضائلي.

"شرح" الطاعون: الموت من الوباء وهو المرض العام لفساد الهواء, فتفسد لذلك الأمزجة والأبدان، يقال: طعن الرجل فهو مطعون وطعين. والأردن بضم الهمزة وتشديد النون: نهر وكورة بأعلى الشام والجابية: قرية بدمشق، وغمقة -بالغين المعجمة- أي: قريبة من الماء والنزور والحضر، والغمق: فساد الريح "وغموقها من كثرة الأنداء" فيحصل منها الوباء، والغمق أيضًا: ركوب الندى الأرض, وأرض غمقة: ذات ندى, وقال الأصمعي: الغمق: الندى. نزهة أي: بعيدة من الماء فهي أقل وباء، قال ابن السكيت: ومما يضعه الناس في غير موضعه قولهم: خرجنا نتنزه إذا خرجوا إلى البساتين، قال: وأما التنزه التباعد عن المياه والأرياف، ومنه قولهم: فلان يتنزه عن الأقذار أي: يتباعد عنها.

وعن عروة بن الزبير أن طاعون عمواس كان معافى منه أبو عبيدة بن الجراح وأهله، فقال: اللهم نصيبه في آل أبي عبيدة، فخرجت بثرة في خنصر أبي عبيدة، فجعل ينظر إليها، فقيل له: إنها ليست بشيء، فقال: إني أرجو أن يبارك الله فيها, إنه إذا بارك في القليل كان كثيرًا. أخرجه الفضائلي وأبو حذيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>