للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأودية ورءوس الجبال، قال معاذ بن جبل: بل هو شهادة ورحمة ودعوة نبيكم, اللهم أعط معاذا وأهله نصيبه من رحمتك, فطعن فمات.

وقال أبو قلابة: قد عرفت الشهادة والرحمة، وبها عرفت ما دعوة نبيكم، فسألت عنها فقيل: دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجعل فناء أمته بالطعن والطاعون حين دعا أن لا يجعل بأسهم بينهم، فمنعها فدعا بهذا. قال أهل العلم: إنما يكون شهادة لمن صبر عليه محتسبًا عالمًا بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه, وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فأما من فر منه فأصابه فليس بشهيد. أخرج من قول المدائني إلى هنا القلعي.

ذكر وصيته -رضي الله عنه:

عن سعيد بن المسيب قال: لما طعن أبو عبيدة بالأردن دعا من حضره من المسلمين وقال: إني موصيكم بوصية إن قبلتموها لن تزالوا بخير: أقيموا الصلاة، وصوموا شهر رمضان، وتصدقوا, وحجوا واعتمروا, وتواصوا، وأنصحوا لأمرائكم ولا تغشوهم، ولا تلهكم الدنيا فإن امرأ لو عمر ألف حول ما كان له بد من أن يصير إلى مصرعي هذا الذي ترون. إن الله تعالى كتب الموت على بني آدم فهم ميتون، فأكيسهم أطوعهم لربه وأعملهم ليوم معاده، والسلام عليكم ورحمة الله، يا معاذ بن جبل صل بالناس.

ومات رحمه الله فقام معاذ في الناس، فقال: يا أيها الناس, توبوا إلى الله من ذنوبكم، فأيما عبد يلقى الله تعالى تائبًا من ذنبه إلا كان على الله حقا أن يغفر له، من كان عليه دين فليقضه، فإن العبد مرتهن بدينه، ومن أصبح منكم مهاجرًا أخاه فليلقه فليصالحه، ولا ينبغي لمسلم أن يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام، أيها المسلمون قد فجعتم برجل ما أزعم أني رأيت عبدًا أبر صدرًا ولا أبعد من الغائلة ولا أشد حبا للعامة ولا أنصح منه، فترحموا عليه واحضروا الصلاة عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>