للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منقول من مَعَدٍّ الذي يُراد به موضع رِجل الرَّاكب؛ لأنَّ الأعلام إِذا عُلِمَ لها أصل في النكرات فينبغي أن تُجعل منقولة منه.

وإِذا ثَبَتَ النَّقلُ تَبيَّنَ أنَّ الميم [في مَعَدٍّ هذا –أعني اسم القبيلة- أصليَّة؛ لأنَّ الميم] ١ في مَعَدٍّ الذي هو٢ موضع رِجل الرَّاكب أصليَّة أيضًا؛ لأنَّ ٣ موضع رجل الراكب فيه شِدَّةٌ وصلابة، وقد قالوا "مَعَدَ" في معنى: اشتدّ. فالميم فيه أصل. لذلك قال٤:

وخارِبَيْنِ, خَرَبا فَمَعَدا ... لا يَحسِبانِ اللهَ إِلَّا رَقَدا

فإِن قيل: جعلك الميم أيضًا أصليَّةً في أوَّل الكلام، وبعدها ثلاثة أحرف، قليلٌ، و"تَمَفعلَ" قليل. فهلَّا اعتدل الأمر عندك فيهما. فأجزتَ في مَعَدٍّ الوجهين. أعني زيادة الميم وأصالتها. فالجواب أنه لمّا كان جعلها أصلًا وجعلها زائدة يؤدِّيان إِلى قليل كانت الأصالة وما يعضده الاشتقاقُ أَولى.

والذي يدلُّ، على أصالة الميم في مأْجَجٍ ومَهدَدٍ٥، أنَّ الميم لو كانت زائدة لوجب الإِدغام، فتقول: مَهَدٌّ ومأَجٌّ، كما تقول: [مَقَرٌّ] ٦ ومَكَرٌّ ومَفَرٌّ ومَرَدٌّ. فدلَّ ذلك على أنَّ الميم أصل، وأنهما ملحقان بجَعفَر نحو: قَرْدَدَ٧. ولذلك لم يُدغَم.

فإِن قلتَ: أَجْعلُ الميم زائدة فيهما، ويكون فكُّ الإِدغام شاذًّا. فيكون من باب: لَحِحَتْ ٨ عينُه وأَلِلَ٩ السِّقاءُ وضَبِبَ١٠ البَلَدُ، إِذ جَعلُ الميم أصليَّة أيضًا في أوَّل وبعدَها ثلاثة أحرف قليل. فالجواب ما تقدَّم في "مَعَدٍّ"، من أنه لمّا كانت الأصالة والزيادة تُفضيان إلى قليل كانت الأصالة أولى.

فإِن قيل: فهلَّا جعلتم الميم أصليَّةً في مَحْبَبٍ١١، بدليل فكِّ الإِدغام، كما فَعلتُم ذلك في


١ من م.
٢ م: الذي يراد به.
٣ ف: وأيضًا فإن.
٤ المحتسب ٢: ٢٩ والمنصف ٣: ١٩ واللسان والتاج "خرب" و"معد" والسمط ص٧٧٩. وقبلهما في السمط:
أَخشَى علَيهِ طَيْئًا وأسَدا ... وقَيسَ عَيلانَ, ودِينًا فَسَدا
وفي حاشية ف بخط أبي حيان: الخارب: سارق الإبل.
٥ الكتاب ٢: ٣٤٤ والمنصف ١: ١٤١-١٤٣.
٦ من م.
٧ القردد: الأرض المستوية.
٨ لححت: لصقت.
٩ ألل: تغيرت رائحته.
١٠ ضبب: كثرت ضِبابه.
١١ محبب: اسم رجل. وانظر المنصف ١: ١٤١-١٤٣.

<<  <   >  >>