للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ابن عصفور]

هو أبو الحسن علي بن مؤمن بن محمد بن علي بن أحمد بن محمد النحوي الحضرمي الإشبيلي. ولد في مدينة إشبيلية من بلاد الأندلس سنة ٥٩٧هـ - ١٢٠٠م، وأخذ النحو والأدب واللغة من أشهر علماء عصره هناك. ولما بلغ من العلم منزلة الأستاذية شرع يدرّس علوم العربية في إشبيلية، ثم في حواضر الأندلس مدن: شَريش ومالَقة ولُورَقة ومُرسية. وكان يملي مصنفاته من حفظه دون كتاب. وهي الشروح التي وضعها على: الجمل للزجاجي، والإيضاح لأبي علي الفارسي، والمقدمة الجُزُولية، وكتاب سيبويه ...

ثم انتقل ذكره إلى المغرب، فودع الأندلس وجاز إلى مُرّاكش، يقيم في حواضرها ويملي مصنفاته، ثم انتقل إلى تونس، حيث أكرمه أمير المؤمنين المستنصر بالله محمد بن أبي زكرياء، واصطحبه في رحلاته ومجالسه، يشجعه على الإقراء والتعليم. وقد حن إلى وطنه فعاد إلى بعض مدن الأندلس، ثم عاد إلى مُرّاكش ومنها إلى تونس، حيث أقام في عاصمتها حتى توفي سنة ٦٦٩هـ - ١٢٧٠م، ودفن في مقبرة ابن مهنّا قرب جبانة الشيخ ابن نفيس.

وقد اختُلف في سبب وفاته، والراجح ما رواه الزركشي. وهو أن ابن عصفور١ كان في مجلس السلطان آنذاك، من أحد أيام الشتاء، في رياض أبي فهر قرب الجابية الكبيرة. وهي حوض ضخم. ولما افتخر السلطان بما في مملكته من مظاهر العظمة قال ابن عصفور، يذكّره فضل العلماء في ذلك: "بنا وبأمثالنا". فغضب السلطان وأمر بعض رجاله أن يلقوه بثيابه في الجابية، ويطيلوا بقاءه فيها. وبعد خروجه منها أصابته حمى شديدة، لبث فيها ثلاثة أيام، ثم قضى نحبه. ورثاه القاضي ابن المنير ناصر الدين أحمد بن محمد المالكي المتوفى سنة ٦٨٣، ببيتين زعم فيهما أن النحو انتهى بوفاته.

وذكر في تاريخ حياته أنه كان حامل لواء العربية في عصره، وأصبر الناس على المطالعة، لا يملّ


١ الفصيح في اللغة أن لفظ "عصفور" بضم العين. وحكى ابن رشيق أنها تفتح في لغة. التاج "عصفر". وانظر ص١٠٥.

<<  <   >  >>