للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ما أدغمته القراء على غير قياس]

يُذكر فيه ما أدغمتْه القُرَّاءُ، ممّا ذُكر أنه لا يجوز١ إدغامه. فمن ذلك قراءة أبي عمرو: "الرُّعْب بِّما"٢ بإدغام باء "الرُّعب" في الباء التي بعدها، مع أنَّ قبل الباء حرفًا ساكنًا صحيحًا، وقد تقَدَّمَ أنه لا يجوز عند البصريِّين٣، وحملوا قراءة أبي عمرو على الإخفاء. وقد تقَدَّمَ أنَّ الإخفاء٤ يُسمَّى إدغامًا.

ومن ذلك قراءته: "مَريَم بُّهتانًا"٥ و"بأعلَم بِّالشَّاكِرِينَ"٦ و"لِكَيلا يَعلَم بَّعدَ عِلمٍ شَيئًا"٧ وأمثالَ ذلك، بإدغام الميم في الباء. وقد تَقَدَّمَ أنَّ الميم من الحروف التي لا تدغم في مقاربها. وينبغي٨ أن يُحمل ذلك على الإخفاء. وعلى ذلك كان يتأوَّله أبو بكر بن مجاهد, رحمه الله٩. وينبغي أن يكون الإدغام في ذلك محفوظًا عن أبي عمرو. ويُحكى عن البصريِّين أنَّ أبا عمرو كان يختلس الحركة في ذلك، فيرى من يسمعه ممَّن لا يضبط سمعُه أنه أسكن الحرف الأوَّل، وإن كان لم يُسكِن.

ومن ذلك إدغام الكسائيِّ وحده الفاء من: "نَخْسِف بِّهِم"١٠ في الباء. وقد تَقَدَّمَ أنها من الحروف التي لا تُدغَم في مقاربها، ولا يُحفظ ذلك من كلامهم. وهو مع ذلك ضعيف في


١ ينتهي ههنا الخرم في م ويعود الخط المغاير.
٢ الآية ١٥١ من سورة آل عمران. م: والرعب بما.
٣ كذا. ولم يتقدم شيء من هذا. انظر ص٤١٤.
٤ انظر ص٤٥٤ وسر الصناعة ١: ٦٤-٦٨.
٥ الآية ١٥٦ من سورة النساء.
٦ الآية ٥٣ من سورة الأنعام. وفي النسختين. أعلم بالشاكرين.
٧ الآية ٧٠ من سورة النحل.
٨ زاد في م: أيضًا.
٩ م: "رحمة الله عليه". وأبو بكر هو: أحمد بن موسى التميمي الحافظ البغدادي، شيخ القرَّاءِ وأوَّل من صنف في القراءات السبع. توفي سنة ٢٣٤. غاية النهاية ١: ١٣٩.
١٠ الآية ٩ من سورة سبأ. م: ردف بهم.

<<  <   >  >>