للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاصلة بينهما.

وممّا يبيِّن استثقالهم التاء ساكنة قبل الدال اجتنابُهم١ وَتْدًا ووَطْدًا في مصدر: وَتَدَ ووَطَدَ، وعُدُولُهم عن ذلك إلى تِدَة وطِدَة، كعِدَة.

فإن كان الثاني من المتقاربين٢ ساكنًا بُيِّنا ولم يجزِ الإدغام. وقد شذَّت العرب في شيء من ذلك، فحذفوا أحد المتقاربين، لَمَّا تعذَّر التخفيف بالإدغام؛ لأنه يؤدِّي إلى اجتماع ساكنين؛ لأنه لا يُدغم الأوَّل في الثاني حتَّى يسكن كما تَقَدَّمَ، فقالوا: بَلْحارِثِ٣ وبَلْعَنبَرِ وبَلْهُجَيمِ٤، في بني الحارثِ وبني العنبر وبني الهُجَيمِ٥. وكذلك يفعلون في كلِّ قبيلة ظهر فيها لام المعرفة نحو: بَلْهُجَيمِ٦ وبَلْقَينِ، في بني الهُجَيمِ٦ وبني القَينِ. فإن لم تظهر فيها لام المعرفة لم يحذفوا، نحو: بني النَّجَّار وبني النَّمِر وبني التَّيم، لئلَّا يجتمع عليه علَّتانِ: الإدغام والحذف.

وذلك أنه لَمَّا حُذفت الياء من "بني" لالتقائها ساكنة مع لام التعريف اجتمعت النون مع اللام -وهما متقاربان- فكُره اجتماعهما لِما في ذلك من الثقل، مع أنه قد كثر استعمالهم لذلك -وكثرة الاستعمال مدعاة للتخفيف- فخفَّفوا بالحذف، إذ لا يمكن التخفيف بالإدغام.


١ أي: اجتناب بني تميم.
٢ يريد: من المتقاربين في كلمة واحدة أو كلمتين.
٣ في الحاشية بخط أبي حيان أن ابن مالك علق على هذا بما يلي: "ليس هذا موضع بلحارث؛ لأنه من كلمتين". قلت: ولم يخص ابن عصفور هذه الفقرة بالإدغام أو التخفيف في كلمة واحدة دونه في كلمتين، وإن كان ظاهر النصِّ قد يوهم بذلك. وانظر التعليقة المتقدمة.
٤ سقط من المتن وألحق بالحاشية.
٥ زاد أبو حيان في حاشية ف قوله: "وحذفوا نون "مِن" مع لام التعريف فقالوا: مِلْمالِ". وقد سقط "وبني الهجيم وكذلك ... الإدغام والحذف" من المتن وألحقه أبو حيان بالحاشية.
٦ كذا، بتكراره مع ذكره قبل.

<<  <   >  >>