للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب: ما يزاد من الحروف في التضعيف

اعلم أنَّ التضعيف لا يخلو أن يكون من باب إدغام المتقارِبَينِ١، أو من باب إدغام المِثلَينِ٢. فإن كان من باب إدغام المتقاربين فلا يلزم أن يكون أحد الحرفين زائدًا. بل قد يمكن أن يكون زائدًا، وأن يكون أصلًا. وإذا كان الإدغام من جنس إدغام المِثلين كان أحد المثلين زائدًا، إِلَّا أن يقوم دليل على أصالتهما٣، على ما يُبيَّنُ.

فإن قيل: فِيمَ يَمتاز٤ إدغام المتقاربَينِ من إدغام المِثلَينِ؟ فالجواب عن ذلك أن نقول: إذا وُجِد حرف مضعَّف فينبغي أن يُجعل من إدغام المِثلَينِ، ولا تجعله من إدغام المتقاربينِ إِلَّا أن يقوم على ذلك دليل؛ لأنه لا يجوز أن يُدغَم الحرف في مُقارِبه من٥ كلمة واحدة، لئلَّا يلتبس بأنه من إدغام المِثلَينِ؛ ألا ترى أنك لا تقول في أَنمُلَة٦: "أَمُّلة"؛ لأنَّ ذلك مُلبِس٧، فلا يُدرَى: هل هو في الأصل أَنمُلَة أو "أمْمُلَة"؟

فإن كان في الكلمة بعد الإدغام ما يدلُّ على أنه من إدغام المتقاربَينِ جاز الإدغام. وذلك نحو قولك: امَّحَي الكتابُ، أصله "انْمَحَى" بدليل أنه لا يمكن أن يكون من باب٨ إدغام المِثلَين. إذ لو كان كذلك لكان "افَّعَلَ", و"افَّعَلَ" ليس من أبنية كلامهم. فلمَّا لم يمكن حمله على أنَّ٩ الإدغام فيه من قَبيل إدغام المِثلَينِ تبيَّن أنه في الأصل "انمَحَى"؛ لأنَّ في كلامهم "انفَعَلَ".


١ م: المثلين.
٢ م: "المتقاربين". وفي حاشية ف بخط أبي حيان عن اللباب بيان لزيادة الحرف بالتضعيف. انظر ص٢٦٣-٢٦٤ من ابن عصفور والتصريف.
٣ ف: أصالته.
٤ م: يختار.
٥ م: في.
٦ الأنملة: المفصل الأعلى من الإصبع.
٧ م: يلبس.
٨ سقط من م.
٩ سقط من م.

<<  <   >  >>