للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر أحكام حروف الحلق في الإدغام ١:

قد تَقَدَّمَ أنَّ للحق ثلاثة مخارج: فمن أقصاه الألف والهمزة والهاء، ومن وسطه العين والحاء، ومن أدنى مخارج الحلق إلى اللسان مخرج الغين والخاء.

أمَّا الألف والهمزة فلا يدغمان في شيء، ولا يدغم فيهما شيء، والسبب في ذلك أنَّ إدغام المتقارِبَينِ محمول على إدغام المِثلين. فلمَّا امتنع فيهما إدغام المِثلين، كما ذكرنا في فصل إدغام المِثلين، امتنع فيهما إدغام المتقارِبَينِ.

وأمَّا الهاء فليس لها من مخرجها ما يُدغم [فيها] ٢ أو تُدغم فيه؛ لأنها من مخرج الألف والهمزة، فلم يبق لها ما تُدغم فيه إِلَّا ما هو من المخرج الذي يلي مخرجها.

فإذا اجتمعت مع الحاء فلا يخلو أن تتَقَدَّمَ٣ الحاءَ أو تتقَدَّمَها الحاءُ. فإن تقَدَّمَت على الحاء جاز الإدغام والبيان نحو: اجبَهْ حاتِمًا٤. إن شئت لم تدغم، وإن شئت قلبت الهاء حاء وأدغمت الحاء في الحاء فقلت: اجبَحَّاتمًا؛ لأنهما٥ متقاربان ليس بينهما شيء، إِلَّا أنَّ الحاء من وسط الحلق، وهما مهموسان.

وإنَّما قَلبتَ الأوَّل إلى جنس الثاني ولم تقلب الثاني إلى جنس الأوَّل؛ لأنَّ الذي ينبغي أن يُغيَّر بالقلب الأوَّل كما غُيِّر بالإسكان؛ ألا ترى أنَّ الذي يُسكَن لأجل الإدغام إنَّما هو الأوَّل؟ فإن قُلِب الثاني إلى جنس الأوَّل في موضعٍ ما فلِعِلَّةٍ، وسيُبيَّن ما جاء من ذلك في موضعه. والبيان وتركُ الإدغام أحسن لاختلاف المخرجين؛ ولأنَّ حروف الحلق ليست بأصل للإدغام لقِلَّتها، والتصرُّفُ بابه أن يكون فيما يكثر.


١ الكتاب ٢: ٤١١-٤٢٦ وشرح الشافية ٣: ٢٧٦-٢٧٨ وشرح المفصل ١٠: ١٣٤-١٣٨ والمقتضب ١: ٢٠٧-٢٠٩ والهمع ٢: ٢٢٨-٢٣١.
٢ من م.
٣ ف: تقدم.
٤ م: أحبه حاتمًا.
٥ سقط من النسختين حتى قوله "وهما مهموسان" وألحقه أبو حيان بحاشية ف نقلًَا عن خط المصنف.

<<  <   >  >>