للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن تَقَدَّمتها الحاء نحو: امدَحْ هِلالًا؛ فالبيانُ ولا يجوز الإدغام. والعِلَّة في ذلك أنَّ المخرجين، كما تقَدَّمَ، قد اختلفا مع أنَّ الإدغام١ في حروف الحلق ليس بأصل. وأيضًا فإنك لو أدغمت لوجب أن تقلب الأوَّل إلى الثاني على أصل الإدغام، فكنت تقلب الحاء هاء. وذلك لا يجوز؛ لأنَّ الهاء أدخل في الحلق من الحاء، ولا يُقلَب الأخرجُ إلى الفم إلى جنس الأدخل في الحلق.

والسبب في ذلك أنَّ حروف الفم أخفُّ من حروف الحلق. ولذلك يقلُّ اجتماع الأمثال في حروف الحلق. وما قرب من حروف الحلق إلى الفم كان أخفَّ من الذي هو أدخل منه في الحلق. فكرهوا لذلك [٦٤أ] تحويل الأخرج إلى جنس الأدخل؛ لأنَّ في ذلك تثقيلًا.

فإن أردت الإدغام قلبت الهاء حاء وأدغمت، فقلت: امدَ حِّلالًا٢. وجاز قلب الثاني لمَّا تعذَّر قلب الأوَّل، وليكون الإدغام فيما هو أقرب إلى حروف الفم التي هي أصل للإدغام. والإدغام في مثل هذا أقلُّ من الإدغام في مثل "اجبَهْ حاتمًا"٣؛ لأنَّ الباب -كما تقَدَّمَ- أن يُحوَّل الأوَّل إلى الثاني.

فإن اجتمعت مع العين فالبيانُ، تقَدَّمتِ العينُ أو تأخَّرتْ، ولا يجوز الإدغام إِلَّا أن تَقلِب العين والهاء حاء، ثمَّ تُدغِم الحاء في الحاء. وذلك نحو [قولك] ٤: اجبَجُّتْبةَ واقطَحَّاذا وذَهَبَ مَحُّمْ٥، تريد: اجبَهْ عُتْبةَ٦ واقطَعْ هذا وذَهَبَ مَعْهُم. وهي كثيرة في كلام بني تميم٧.

وإنَّما لم تُدغِم إِلَّا بتحويل الحرفين؛ لأنك لو قلبت العين إلى الهاء كنت قد قلبت الأخرج إلى جنس الأدخل. وقد تَقَدَّمَ ذلك, ولو قلبت الهاء إلى العين لاجتمع لك عينان. وذلك ثقيل؛ لأنَّ العين قريبة من الهمزة. فكما أنَّ اجتماع الهمزتين ثقيل٨، فكذلك اجتماع العينين.

وأيضًا فإنها بعيدة من الهاء؛ لأنها ليست من مخرجها، وتُباينُها٩ في الصفة؛ لأنَّ العين مجهورة والهاء مهموسة، والعين بين الشِّدَّة والرَّخاوة والهاء رِخوة. فكرهوا أن يقلبوا واحدة.


١ م: والإدغام.
٢ م: "امد هلالًا". ف: امدح حلالًا.
٣ م: احبه حاتمًا.
٤ من م.
٥ سقط "وذهب محم" من النسختين، وألحقه أبو حيان بحاشية ف، وعلق عليه بما يلي: أي: معهم.
٦ م: أحبه عينه.
٧ سقط "وذهب معهم وهي كثيرة في كلام بني تميم" من النسختين، وألحقه أبو حيان بحاشية ف، نقلًا عن خط المصنف.
٨ ف: "قليل". وصوب في الحاشية عن نسخة أخرى كما أثبتنا.
٩ م: ونباينها.

<<  <   >  >>