للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خاصَّةً لوجب القضاء بأصالة النون، إِذ لا بدَّ من الفاء والعين واللَّام. وذلك نحو: سِنان وعِنان وبَنان وقِران. وأمثال ذلك النونُ فيه أصليَّةٌ.

والآخَر: ألَّا تكون الكلمة من باب "جَنجان"، فإِنه ينبغي أن تجعل النون فيه أصليَّة. إذ لو كانت نونه زائدة لكانت الكلمة ثلاثيَّةً، ويكون فاؤها جيمًا ولامها جيمًا١، فيكون من باب سَلس وقلق، أعني مما فاؤه ولامه٢ من جنس واحد. وذلك قليل جدًّا. وإِن جعلت النون أصليَّةً كانت من باب الرُّباعيِّ المضعَّف، نحو: صَلصَلتُ وقَلقَلتُ. وذلك باب واسع.

ومن الناس٣ من اشترط أيضًا ألَّا يكونَ ما قبل الألف مضاعفًا، فيما قبلَ الألف فيه ثلاثة أحرف، نحو: مُرَّان٤ ورُمَّان، لاحتمال أن تكون النون زائدة، وأن تكون أصليَّةً وأحدُ المضعَّفينِ زائدٌ، ويتساوى٥ الأمران عنده، لكثرة زيادة الألف والنون في الآخر، وكثرة زيادة أحد المضعَّفين.

والصحيح أنه ينبغي أن تُجعل الألف والنون زائدتين، بدليل السماع، والقياس:

أمَّا القياس فأنَّ النون اختصَّتْ زيادتها في هذا الموضع، أو ثالثةً ساكنة، على ما يُبيَّنُ بعدُ، وأحد المضعَّفين٦ زائد٧ حيث كان. وما اختصَّتْ زيادتُه بموضع كان أولى بأن يُجعل زائدًا ممّا لم يَختصَّ؛ ألا ترى أنَّ الهمزة [٢٥أ] في أَفعًى قضينا عليها بالزيادة وعلى الألف بالأصالة؛ لأنَّ الألف كثرت زيادتها في أماكن كثيرة، والهمزة لم تكثر زيادتها إِلَّا أوَّلًا خاصَّة؟ فكان المختصُّ يَشرَك غير المختصِّ، بكثرة٨ زيادته في ذلك الموضع، ويزيد٩ عليه بقوة الاختصاص.

وأمَّا السَّماعُ فقوله عليه السلام، للقوم الذين قالوا له: "نحنُ بَنُو غَيَّانَ"، فقال لهم، عليه السلام١٠: "بَل أنتُم بَنُو رَشْدانَ". ألا تراه, عليه السلام، كيف تَكرَّه لهم هذا الاسم لأنه جعله من الغيِّ، ولم يأخذه من الغَين. وهي السحاب؟ ١١ فقد دلَّ هذا على أنه إِذا جاء مضاعف، في


١ م: "جيم". وفي حاشية ف عن ابن جني: فيكون الأصل جنج، وهو من القليل.
٢ م: مما لامه وفاؤه.
٣ انظر المنصف ١: ١٣٤.
٤ المران: شجر الرماح. م: رمان ومران.
٥ م: وتساوى.
٦ م: المضاعفة.
٧ ف: يزاد.
٨ م: لكثرة.
٩ م: وزيد.
١٠ الخصائص ١: ٢٥٠ والمنصف ١: ١٣٤. يريد أنهم أهل الرشد والهدى، لا أهل الغي والضلال.
١١ سقط "ولم يأخذه ... السحاب" من م.

<<  <   >  >>