للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد أُبدلت من نون البَنان، فقالوا: البَنامُ. قال١:

يا هالَ ذاتَ المَنطِقِ التَّمتامِ ... وكَفِّكِ, المُخَضَّبِ البَنامِ

يريد البَنان.

وأُبدلت أيضًا من الباء في قولهم٢: بَناتُ بَخْرٍ وبَناتُ مَخْرٍ. وهنَّ سحائب يأتين قُبُلَ الصَّيفِ٣، بيضٌ مُنتصباتٌ في السَّماء. قال طرفة٤:

كَبَناتِ المَخْرِ, يَمأَدْنَ كَما ... أَنبَتَ الصَّيفُ عَسالِيجَ الخَضِرْ

وإنَّما جُعلت الباء الأصل؛ لأنَّ البَخْر مشتقٌّ من البُخار؛ لأنَّ السحاب إنَّما ينشأ عن بُخار البحر.

وأُبدلت أيضًا من الباء فيما حكاه أبو عمرو الشيبانيُّ, من قولهم٥: ما زالَ راتِمًا على كذا، وراتِبًا أي: مُقيمًا، من الرُّتبة.

وأُبدلت أيضًا من الباء، في قولهم٦: رأيتُه مِن كَثَبٍ، ومن كَثَم أي: من قُرب. ثمَّ قالوا: قد أَكثَبَ هذا الأمرُ أي قَرُبَ، ولم يقولوا: "أَكثَمَ". فدلَّ ذلك على أنَّ الباء هي الأصل.

وأُبدلت أيضًا من الباء، في نُغَب جمع نُغْبة٧، فقالوا: نُغَمٌ. قال الشاعر٨:

فبادَرَتْ شِربَها, عَجلَى مُثابِرةً ... حَتَّى استَقَتْ, دُونَ مَحنَى جِيدِها, نُغَما

وأُبدلت من النون٩ فيما حكاه يعقوب عن الأحمر١٠ من قولهم: طانَهُ اللهُ على الخَيرِ,


١ ينسب إلى رؤبة. ديوانه ص١٨٣ وسر الصناعة ص٤٢٢ والأشموني ٤: ٣١٩ والتصريح ٢: ٣٩٢ والعيني ٤: ٤٠١ وشرح الشافية ٣: ٢١٦ وشرح شواهده ص٤٥٥-٤٥٩ والمفصل ٢: ٢٦٠ وشرحه ١٠: ٣٣. وهال في حاشية ف بخط أبي حيان عن شيخه الرضي: "هو ترخيم هالة". والتمتمام: الذي يتردد في نطق التاء.
٢ الإبدال ١: ٤١ وشرح الشافية ٣: ٢١٧.
٣ سقط "قبل الصيف" من م.
٤ ديوانه ص٧٤. ويمأدن: يتحركن ويتثنين. والعساليج: تخرج في الصيف تنقاد كما ينقاد الخيزران. والخضر: نبات أخضر.
٥ الإبدال ١: ٤٨ وشرح الشافية ٣: ٢١٧.
٦ الإبدال ١: ٤٩ وشرح الشافية ٣: ٢١٨.
٧ النغبة: الجرعة من الماء.
٨ سر الصناعة ص٤٢٦ والمقرب ٢: ١٧٨ واللسان والتاج "نغب" والمفصل ٢: ٢٦ وشرحه ١٠: ٣٣.
٩ كذا. وحق هذه الفقرة أن تقدم وتلحق بإبدال الميم من النون فيما مضى بعد: البنان.
١٠ القلب والإبدال ص٢٠ والإبدال ٢: ٤٢٨ وشرح الشافية ٣: ٢١٧. والأحمر هو علي بن المبارك صاحب الكسائي وأول من دوَّن عنه، أعلم من الفراء بعلل النحو ومقاييس التصريف. توفي سنة ١٩٤. إنباه الرواة ٢: ٣١٣.

<<  <   >  >>