للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنهم من ذهب إلى أنَّ الألف هي١ الأصل، والمبدلة من التنوين محذوفة في جميع الأحوال. وهو الكسائيُّ، وحجَّتُه٢ أنَّ حذفَ الألف الزائدة أَولى من حذف الأصليَّة.

وذلك باطل؛ لأنَّ الزيادة لمعنى، فإبقاؤها أَولى من إبقاء الأصل. وممّا يدلُّ على ذلك أنهم إذا وصلوا قالوا: هذه عَصًا مُعْوجَّةٌ، فحذفوا الألف الأصليَّةَ وأَبقَوْا التنوينَ، فكذلك يجب في الوقف أن يكون المحذوف الألفَ الأصليَّةَ، ويكون الثابت٣ ما هو عوضٌ من التنوين.

ومنهم من ذهب إلى أنَّ الألف في حال الرفع والخفض هي الألفُ الأصليَّةُ والتنوينُ محذوفٌ، وفي النصب هي الألف المبدلةُ من التنوين والألفُ الأصليَّةُ محذوفةٌ، قياسًا للمعتلِّ على الصحيح. وهو مذهبُ سيبويه٤، وهو الصحيح. وممّا يؤيِّد ذلك كونُ المنقوص٥ يُمال في حال الرفع والخفضِ، ولا يُمال في حال النصب، ومجيءُ الألف قافيةً في الرفع والخفض، ولا تكون قافية في حال النصبِ إِلَّا قليلًا جِدًّا، على لغة من قال: رأيتُ زَيدْ.

قال العجَّاج:

خالَطَ, مِن سَلمَى, خَياشِيمَ وفَا

والثاني: الوقف على النون الخفيفة٧ اللَّاحقة للأفعال المضارعة [للتأكيد] ٨، نحو: هل تَضرِبَنْ؟ فإنك إذا وقفتَ عليه قلت: هل تَضرِبا؟ والسببُ في ذلك أيضًا ما ذكرناه في التنوين، من قصدِ التفرقةِ بين النون التي هي من نفس الكلمة، والنون التي تلحق الكلمةَ بعد كمالها، نحو قوله:٩

فإيَّاكَ والمَيْتاتِ، لا تَقرَبَنَّها ... ولا تَعبُدِ الشَّيطانَ, واللهَ فاعبُدا

يريد: فاعبُدَنْ.


١ م: أن الألف ألف.
٢ م: وحجتهم.
٣ م: التأنيث.
٤ كذا. وهو ليس مذهب سيبويه. انظر الكتاب ٢: ٢٩٠ وشرح الشافية ٢: ٢٨٠-٢٨٤.
٥ كذا.
٦ ديوانه ص٨٣ والمقتضب١: ٢٤٠ والمخصص ١: ١٣٦-١٣٨ و١٤: ٩٦ و١٥: ٧٨ والعيني ١: ١٥٢ والخزانة ٢: ٦ والهمع ١: ٤٠ والدرر ١: ١٤ وإصلاح المنطق ص٨٤ وشرح أبيات سيبويه ١: ٢٠٤ واللسان والتاج "فوه". والخياشيم: جمع خيشوم. وهو أقصى الأنف.
٧ شرح الشافية ٣: ٣٧٩-٣٨٠.
٨ من م.
٩ الأعشى. ديوانه ص١٠٣ حيث رُوي كما يلي:
فإيَّاك والمَيْتِاتِ، لا تأكلَنَّها ... ولا تأخُذَنْ سَهمًا حَدِيدًا، لِتَفصِدا
وذا النُّصُبِ المَنصُوبَ لا تَنسكنّهُ ... ولا تَعبُدِ الشَّيطانَ، واللهَ فاعبُدا
وانظر العيني٤: ٣٤٠- ٣٤١ والمغني ص٣٧٢ والإنصاف ص٦٥٧.

<<  <   >  >>