للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمَّا "فَعْلٌ" فلم تُحذف الواو منه لخِفَّة الفتحة. وأمَّا "فِعْلَةٌ" فحُذفت الواو منه لثقل الكسرة في الواو، مع أنَّ المصدر لفعل قد١ حُذفت منه الواو، فقالوا في "وِعْدة": عِدة، فألقوا كسرة الواو على ما بعدها وحذفوها.

فإن قيل: وهلَّا حَذفوا الواو بكسرتها. فالجواب أنهم لو فعلوا ذلك لاحتاجوا إلى تكلُّفِ وصلٍ؛ لأنَّ ما بعد الواو ساكن. ولزمت التاء لأنها جُعلت كالعوض من الواو.

فإن قيل: ولأيِّ شيء التُزمَ في المصدر هذان البناءان. وقد كان الصحيح يجيء على غير ذلك من الأبنية؟ فالجواب أنهم التزموهما لخفَّتهما؛ ألا ترى أنَّ "فَعْلًا" على ثلاثة أحرف، وهو أخفُّ أبنية الأسماء الثلاثيَّة٢، وأكثرها وُجودًا؟ وأمَّا "فِعْلَةٌ" فلأنه يؤدِّي إلى حذف الواو، وهو حرف مستثقَل، كما أنهم التزموا في المضارع "يَفْعِل" بكسر العين؛ لأنَّه يؤدِّي إلى التخفيف، ولو جاء على غير ذلك، من الأوزان التي يجيء عليها مصدرُ الفعل الثلاثيِّ الصحيح٣، لم يكن في خفَّة ذلك.

وإن٤ وقعت [الواو فاء] ٥ في فِعل على وزن٦ "فَعِلَ" بكسر العين فإنَّ مضارعه يجيء على قياسه من الصحيح، وهو "يَفعَلُ"، ولا تُحذف الواو لأنها لم تقع بين ياء وكسرة، نحو: وَجِلَ يَوجَلُ.

فإن قيل: فلأيِّ شيء لم يجيئوا بمضارعه على "يَفعِلُ" بكسر العين، فيكونَ ذلك سببًا للتخفيف بحذف الواو؟ فالجواب: أنهم لو فعلوا ذلك لخرجوا عن قياس مضارع "فَعِلَ"؛ ألا ترى أنه لا يجيء على "يَفعِلُ" إِلَّا شاذًّا، نحو: حَسِبَ يَحسِبُ؟ وليس كذلك "فَعَلَ"؛ لأنَّ "يَفعِل" مَقيسٌ فيه.

ومن العرب من يقلب هذه الواو طلبًا للتخفيف، فيقول٧: ياجَلُ وياحَلُ٨. وأيضًا فإنه أراد أن يُغيِّرَ الواو في مضارع "فَعِلَ"، كما غيَّرَها في مضارع "فَعَلَ"، فأبدل منها أخفَّ حروف العلَّة، وهو الألف.


١ م: "مع أن المصدر قد". وانظر المنصف ١: ١٩٥.
٢ م: أبنية الثلاثة.
٣ سقط من م.
٤ ف: فإن.
٥ زيادة يقتضيها السياق.
٦ المنصف ١: ٢٠١-٢٠٢.
٧ المنصف ١: ٢٠٢-٢٠٣.
٨ ياحل: مضارع وحِل أي: وقع في طين يضطرب فيه. م: ويوجل.

<<  <   >  >>