للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشذَّ من ذلك شيء إِلَّا لفظتان، وهما١: طاحَ يَطِيحُ وتاهَ يَتِيهُ، في لغة من قال: ما أَطوَحَهُ وما أَتوَهَهُ! ٢ ولا يمكن أن يكونا٣ على هذا "فَعِلَ"٤ بكسر العين؛ لأنَّ "فَعِل يَفعِلُ" شاذٌّ من الصحيح والمعتلِّ، و"فَعَلَ يَفعِلُ" وإن كان شاذًّا فيما عينُه واو فليس بشاذٍّ في الصحيح. فحملُهما على ما يكون مَقيسًا في حالٍ أَولَى.

فأمَّا من قال "ما أَتيَهَهُ"! فقوله "يَتِيهُ" على القياس. والدليل أيضًا على أنَّ "تاهَ" قد يكون من ذوات الياءِ قولهم٥: وَقَعَ في التُّوهِ والتِّيه. فقولهم "في التِّيه" دليلٌ على أنه من ذوات الياء، بقاءً مع الظاهر. وكذلك أيضًا "تَيَّهَ" يدلُّ على أنَّ "تاهَ" من ذوات الياء.

فإن قيل: فلعلَّ تَيَّهَ: "فَيعَلَ"٦، وهي٧ من ذوات الواو، والأصل "تَيْوَهَ" فقُلبت الواو ياءًَ وأُدغمت الياء في الياء. فالجواب٨ أنَّ "فَعَّل" أكثرُ من "فَيعَلَ"، فيجبُ أن يُحمل "تَيَّهَ" على "فَعَّل" لذلك. وأيضًا فإنَّ "تَيَّه" للتكثير، فينبغي أن يكون على "فَعَّل"؛ لأنَّ "فَعَّلَ" من الأبنية التي وضعتها العربُ للتكثير، نحو: قَطَّعَ وكَسَّرَ.

وأيضًا فإنهم يقولون فيه إذا ردُّوه لِما لم يُسمَّ فاعلُه: تُيِّهَ٩. ولو كان "فَيعَلَ" لقالوا١٠ "تُوْيِهَ" إن كان من ذوات الياء، و"تُوْوِهَ" إن كان من ذوات الواو١١ كـ"بُوْطِرَ". ولم يجز الإدغام كما لم يُدغم مثل "سُوْيِرَ"؛ لأنَّ الواو مَدَّة. وسيُبيَّن ذلك في بابه، إن شاء الله تعالى١٢.

فإن قيل: فلأيِّ شيء قالوا في مضارع "فَعَلَ" من ذوات الواو: "يَفعُلُ"، ومن ذوات الياء: "يَفعِلُ"، وقد

كان "فَعَلَ" من الصحيح يجوز في مضارعه "يَفعُلُ" و"يَفعِل"، نحو: يَضرِبُ ويَقتُلُ؟ فالجواب عن ذلك شيئان:


١ المنصف ١: ٢٦١-٢٦٢.
٢ في م تقديم وتأخير وتصرف.
٣ ف: يكون.
٤ مذهب الخليل أن تاه وطاح هما على "فعِل يفعِل". المنصف ١: ٢٦١-٢٦٢.
٥ رواه المازني عن أبي زيد في المنصف ١: ٢٦٥.
٦ المنصف ١: ٢٦٢-٢٦٣.
٧ م: وهو.
٨ المنصف ١: ٢٦٣-٢٦٤.
٩ وأنشد فيه المازني وابن جني لرؤبة.
تُيِّهَ في تِيهِ المُتيَّهِينْ
١٠ ف: لقال.
١١ سقط "إن كان من ذوات الياء ... الواو" من م.
١٢ سقط من م. وانظر الورقة ٤٥.

<<  <   >  >>