للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن كانت الواو لم تعتلَّ في المفرد لم تعتلَّ في الجمع١، نحو: زَوج وزِوَجة وعُود وعِوَدة، إِلَّا لفظةً واحدةً شَذَّتْ وهي: ثَورٌ وثِيَرةٌ. فذهب٢ أبو بكر إلى أنَّ الذي أوجب قلبَ الواو ياءً أنَّ الأصل "ثِيارَةٌ" كحِجارة وذِكارة٣، فقلبت الواو ياء لأجل الألف التي بعدها. كما قلبت٤ في سياط جمع سوط، على ما يُبيَّن بعدُ٥. فلمَّا قَصَره منه٦ بقيت الياء، تنبيهًا على أنَّه مقصور من ثِيارة٧, كما صَحَّ "عَوِرَ"٨ حملًا على "اعْوَرَّ".

وذهب٩ المبرّد إلى أنهم أرادوا أن يفرِّقوا بين جمع "ثَور" الذي هو الحيوان، والثَّور الذي يراد به القطعة من الأَقِط١٠، فقالوا في الحيوان: ثِيَرة، وفي الأقط: ثِوَرة، كما قالوا: نَشيانُ للخَبَرِ١١، وأصله نَشْوان، فرقًا بينه وبين نَشوانَ بمعنى سكران.

ومنهم من ١٢ ذهب إلى أنَّ الأصل "ثِوْرة" بالإسكان، فقُلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة بعد كسرة، ثمَّ حرّك بالفتح [٤٤ب] ، وأُبقي١٣ الياء؛ لأنَّ الأصل الإسكان.

ومنهم من علَّل ذلك بأنهم قد قالوا ثِيْرة وثِيرانٌ فقلبوا الواو ياء، فأحبُّوا أن يُجروا جمعه كلَّه على الياء، فقالوا: ثِيَرة، كما قالوا: ثِيْرة١٤ وثِيران، كما حملوا: أَعِدُ وتَعِدُ ونَعِدُ، على "يَعِدُ".

وكلُّ ذلك توجيهُ شذوذٍ.

وكذلك لو كان "فِعَلٌ" من ذوات الواو مفردًا لم تقلب واوه ياء، نحو: طِوَل١٥.

فإن كان الاسم على "فِعْلٍ" من الواو، بكسر الفاء وإسكان العين، قُلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، نحو: قِيْلٍ. أصله "قِوْلٌ" لأنَّه من القول.


١ المنصف ١: ٣٤٥-٣٤٩.
٢ المنصف ١: ٣٤٧.
٣ الذكارة: جمع الذكر. م: دكارة.
٤ م: تقلب.
٥ في الورقة ٤٦.
٦ المنصف: فلما قصرت الكلمة بحذف الألف.
٧ م: ثيار.
٨ م: "عِور". وانظر ص٣٠٩.
٩ المنصف ١: ٣٤٦-٣٤٧ وشرح المفصل ١٠: ٨٨.
١٠ الأقط: ضرب من الطعام.
١١ النشيان للخبر: الذي يتخبر الخبر أول وروده.
١٢ كذا. ونسب ابن جني هذا المذهب إلى المبرد أيضًا، انظر المنصف ١: ٣٤٦-٣٤٧ و٣٤٩ حيث ضبطت "ثورة" بفتح الواو خطأ.
١٣ م: وإبقاء.
١٤ سقط "كما قالوا ثيرة" من م.
١٥ الطول: الحبل الطويل جِدًّا.

<<  <   >  >>