للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو ذؤيب١:

يَعثُرْنَ في حَدِّ الظُّباتِ, كأنَّما ... كُسِيَتْ بُرُودَ بَنِي تَزِيدَ الأذرُعُ

وإن كان مخالفًا له في جنس الزيادة فإنه يُعَلُّ إعلال الفعل الذي يكون على وَفقه، في الحركات وعدد الحروف؛ لأنه قد أُمن التباسه بالفعل. فتقول في "مَفْعَلٍ" من القول والقيام: مَقالٌ ومَقامٌ. والأصل "مَقْوَلٌ" و"مَقْوَمٌ"، فأعللتَهما كما أَعللت "يَخافُ". وكذلك "مَفْعِلَةٌ"٢ من البَيع تقول فيها: مَبِيْعةٌ٣. فتنقل الكسرة من حرف العلَّة إلى الساكن قبله، كما فعلتَ ذلك في نظيره من الفعل وهو "يَبِيعُ".

وكذلك تقول في "مَفْعُلَةٍ" من البيع، على مذهب سيبويه٤؛ لأنك إذا نقلت الضَّمَّة من الياء٥ إلى الساكن قبلها جاءت الياء ساكنة بعد ضمَّةٍ قريبةٍ من الطرف. فعلى مذهب سيبويه تُقلب الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء، وعلى مذهب الأخفش تُقلب الياء واوًا؛ لأنه مفرد. ولا تُقلب الضَّمَّة عنده كسرة لتصحَّ الياء، إِلَّا في الجمع. فتقول على مذهبه: مَبُوعةٌ. وتقول في "مَفْعُلَةٍ" من القول: مَقُولةٌ، فتُعِلُّها كما تُعِلُّ "يَقُولُ".

وكذلك تفعل بما خالفت زيادتُه زيادةَ الفعل، أو كان٦ فيه ما يقوم مقام الانفراد بالزيادة، نحو بنائك من القول والبيع مثل تِحْلِئ٧، إِلَّا "مِفْعَلًا"٨ فإنك لا تُعلُّه. وذلك نحو: مِقْوَل ومِتْيَح٩. وذلك لأنه مقصورٌ من "مِفْعالٍ". فلم يَعَلَّ كما لا يُعَلُّ "مِفْعالٌ" نحو: مِقْوال, كما لم يُعَلَّ "عَوِرَ" لأنَّه في معنى "اعوَرَّ".وممّا يُبيِّن أنَّ "مِفْعَلًا" يمكن أن يكون مقصورًا من "مِفْعال" كونُهما في معنًى واحد من المبالغة -تقول: رَجلٌ مِطْعَنٌ ومِطعانٌ، إذا وصفته بكثرة الطعن- وكونُهما قد يتعاقبان على معنًى واحد نحو: مِفتَح ومِفتاح.

وقد شذَّتْ [٤٦أ] ألفاظ فجاءت مصحَّحة، وبابُها أن تعتلَّ١٠ وهي: مَزْيَدٌ ومَرْيَمُ ومَكْوَزةُ ومَقْوَدةٌ. وحكى أبو زيد: وقَعَ الصَّيدُ في مَصْيَدَتِنا، وشَرابٌ مَبْوَلةٌ، وهي مَطْيَبةٌ للنفس. وقرأ بعض


١ من مفضليته المشهورة. المنصف١: ٢٧٩ وديوان الهذليين ١: ١٠ وتزيد هو ابن حلوان بن عمران وكان تاجرًا يبيع البرود بمكة. يصف أبو ذؤيب أتنًا صبغتها طرائق الدماء.
٢ المنصف ١: ٣٢٤.
٣ م: مبْيعة.
٤ الكتاب ٢: ٣٤٦.
٥ م: الواو.
٦ سقط حتى قوله "تحلئ" من النسختين، وألحقه أبو حيان بحاشية ف.
٧ التحلئ: القشرة على وجه الجلد.
٨ المنصف ١: ٣٢٣.
٩ المتيح: من يتعرض لما لا يعنيه.
١٠ المنصف ١: ٢٩٦-٢٩٧. م: تعلّ.

<<  <   >  >>