للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَبَيَّنَ لِي أنَّ القَماءَةَ ذِلَّةٌ ... وأنَّ أَشدَّاءَ الرِّجالِ طِيالُها

ومن ذلك "فُعَّلٌ"١ إذا كان جمعًا، ولم يكن معتلَّ اللام، فإنه يجوز قلب الواو الأخيرة ياء، ثمَّ تُقلب [٤٧أ] الواو الأولى ياء، وتدغم الياء في الياء حملًا للعين على اللام. وذلك نحو: صائم وصُيَّم وصُوَّم، وجائع وجُيَّع وجُوَّع. قال الشاعر٢:

ومُغَرَّضٍ, تَغلي المَراجلُ تَحتَهُ, ... عَجَّلتُ طَبختَهُ, لرَهطٍ جُيَّعِ

يريد "جُوَّعًا". والوجه ألَّا تُقلب.

وذلك أنك كنت تقول في جمع عات: عُتِيّ، فتقلب في الجمع لا غير، للعلَّة التي تذكر في موضعها٣. فلمَّا كانت قريبة من الطرف شُبِّهت باللام. ولك أيضًا أن تقلب الضَّمَّة كسرة، إذا قلبت الواو ياء، فتقول: صِيَّمٌ، كما فعلتَ ذلك في عُصِيٍّ٤. ولا يلزم ذلك٥، كما لَزمَ في عُصِيٍّ لبعد العين٦ من الطَّرف.

فإن كان مفردًا٧ لم يجز القلب. وذلك نحو قولك: رجلٌ حُوَّلٌ. وإنَّما لم يجز القلب؛ لأنَّ الوجه فيما اعتلَّت لامه فكانت واوًا أن تثبت في المفرد، نحو قولك: عَتا يَعتُو عُتُوًّا. قال تعالى: {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} ٨. وإذا كان الوجه في اللام، أن تثبت لم يجز في العين إِلَّا الثبات؛ لأنَّ العين أقوى من اللام. وكذلك أيضًا لا يجوز قلب الواو الواقعة عنها في الجمع، إذا كانت اللام معتلَّة، كراهيةَ توالي الإعلال من جهة واحدة. وذلك نحو: شاوٍ وشُوًّى.

فأمَّا "فُعَّالٌ"٩، نحو: صُوَّام، فلا تُقلبُ الواو فيه ياء لبعدها من الطَّرف. وقد جاء حرفان شاذَّان وهما١٠ قولُهم: فلان في صُيَّابةِ قومِه, يريدون "صُوَّابة"، أي: صَميمهم وخالصهم. وهو من: صابَ يَصُوبُ، إِذا نَزَل. كأنَّ عِرقَهُ فيهم قد شاع وتمكَّن، وقولُهم١١: نُيَّام، بمعنى نُوَّام


١ المنصف ٢: ١-٤.
٢ الحادرة من مفضلية له. ديوانه ص ٣١٧ وشرح اختيارات المفضل ص٢٢٨ والمنصف ٢: ٣. والمغرض: اللحم الطريّ، والرهط: الجماعة.
٣ في الورقة ٥٢.
٤ فوقها في ف: "عتيّ". وهو ما مثَّل به ابن جني في المنصف.
٥ أي: قلب الواوين والإدغام.
٦ في النسختين: الفاء.
٧ سقط من النسختين حتى قوله: "إذا كانت اللام معتلَّة"، وألحقه أبو حيان بحاشية ف واستبدل به فيهما: فإن كان معتل اللام لم يجز قلب الواو ياء.
٨ الآية ٢١ من سورة الفرقان. ف: كثيرًا.
٩ المنصف ٢: ٤-٥.
١٠ م: "وقد جاء حرف واحد شاذ وهو". وكذلك في المنصف.
١١ سقط من م: "وقولهم نيام ... " مع ما أنشده ابن الأعرابي. وكذلك في بعض نسخ المنصف.

<<  <   >  >>