للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحيح لا تقلبُ. فدلَّ ذلك على فسادِ مذهبهم.

ومن ذلك "فَيْعَلُولةٌ"١ فإنه إن كان من ذوات الياء أُدغمت الياء في الياء، ثمَّ حُذفت الياء المتحرِّكة، استثقالًا للياءين مع طول البناء. وإن كان من ذوات الواو قُلبت الواو ياء، ثمَّ أُدغمت الياء في الياء، ثمَّ حُذفت الياء المتحرِّكة. وإنَّما التُزم في "فَيعَلُولة" الحذفُ؛ لأنه قد بلغ الغاية في العدد إِلَّا حرفًا واحدًا؛ ألا ترى أنَّه على ستَّة أحرفٍ٢، وغايةُ الأسماء أن تنتهي بالزيادة إلى سبعة أحرف. فلمَّا كان الحذف في "فَيْعِل" جائزًا٣ لم يكن في هذا الذي قد زاد ثِقلًا، بالطول، إِلَّا الحذفُ. وذلك نحو: كَيَّنُونة وقَيَّدُودة٤.

فإن قيل: وما الذي يدلُّ على [أنَّ] ٥ كَيْنُونة٦ وقَيْدُودة٧ وأمثالهما في الأصل "فَيْعَلُولةٌ"؟ فالجواب أنَّ الذي يدلُّ على ذلك شيئان: أحدهما أنهما من ذوات الواو، فلولا أنَّ الأصل ذلك لقيل "قَودُودةٌ" وكَونُونةٌ"، إذ لا مُوجِب لقلب الواو ياء. والآخر أنَّه ليس في كلام العرب "فَعْلُولةٌ"، على ما تَقَدَّمَ في الأبنية.

فإن قيل: فإنهما مصدران، وليس في المصادر ما هو على وزن "فَيْعَلُولة". فالجواب أنَّ "فَيعَلُولة" قد ثَبَتَ في غير المصادر، نحو: خَيسَفُوجة٨، ولم يثبت "فَعْلُولة" في موضع من المواضع. فحملُه على ما ثَبَتَ في بعض المواضع أحسن، إن أَمكن. وإِلَّا فقد يجيء المعتلُّ على بناء لا يكون للصحيح كما قَدَّمنا٩.

وزعم الفرَّاء١٠ أنهما في الأصل "كُونُونَةٌ" و"قُودُودةٌ" [بضمِّ الفاء] ١١، وكذلك "صُيرُورةٌ" وطارَ "طُيرُورةً"، ثمَّ قُلبت الضَّمَّة فتحة في صَيرورة وطَيرورة، لتصحَّ الياء. ثمَّ حُملت ذوات الواو على ذوات الياء، ففتحوا الفاء وقلبوا الواو ياء؛ لأنَّ مجيء المصدر على "فَعْلُولة"١٢ أكثرُ [ما


١ المنصف ٢: ٩-١٥ وشرح الشافية ٣: ١٥٤-١٥٥ وأمالي الزجاجي ص١٤٤-١٤٩.
٢ وذلك دون اعتبار تاء التأنيث.
٣ م: جائز.
٤ سقط "وذلك نحو كينونة وقيدودة" من م.
٥ سقط من النسختين وألحق بحاشية ف.
٦ الكينونة: مصدر كان يكون.
٧ القيدودة: مصدر قاد يقود.
٨ الخيسفوجة: سكان السفينة.
٩ انظر ص٣٢١.
١٠ المنصف ١: ١٢ وشرح الشافية ٣: ١٥٤.
١١ من م.
١٢ م: فُعلولة.

<<  <   >  >>