للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لالتقاء الساكنين لم ترجع الألف؛ لأنَّ التحريك عارض، نحو: رَمَتِ المرأةُ والهِندانِ رَمَتا.

ومن العرب من يَعتدُّ بالحركة في "رَمَتا"، وإن كانت عارضةً, لشدَّة اتِّصال الضمير بما قبله حتَّى كأنَّه بعضه، فيردُّ الألف فيقول: رَماتا. وذلك ضرورة, لا يجيء إِلَّا في الشعر. وعليه قوله١:

لَها مَتنَتانِ, خَظاتَا, كَما ... أَكَبَّ, علَى ساعِدَيهِ, النَّمِرْ

أراد: خَظَتا. وقد يجوز أن يكون تثنية خَظاة٢، كأنَّه قال: خظاتانِ. ولكنه حذف النون ضرورة، فيكون كقوله٣:

ومَتْنانِ, خَظاتانِ ... كَزُحلُوقٍ, مِنَ الهَضْبِ

ومِن حذف نون الاثنين ضرورةً قولُه٤:

هُما خُطَّتَا: إِمَّا إِسارٌ ومِنَّةٌ ... وإِمَّا دَمٌ, والقَتلُ بالحُرِّ أَجدَرُ

أراد: هما خُطَّتانِ -وممّا يُعزَى إلى كلام البهائم قولُ الحَجَلةِ للقطا: "قَطا قَطا، بَيضُك ثِنتا، وَبيضِي مِائتا" أي: ثِنتانِ٥ ومِائتانِ- وقولُ الآخر٦:

لَنا أَعنُزٌ, لُبْنٌ ثَلاثٌ,٧ فبَعضُها ... لأولادِ ها ثِنتا, وما بَينَنا عَنْزُ

والأوَّل٨ أَولى؛ لأنَّ له نظائر كثيرة من الاعتداد بالعارض، في الكلام وحذف نون الاثنين للضرورة قليل جدًّا.

فإن أُسند شيء من هذه الأفعال إلى ضمير رفع فلا يخلو أن يكون المسند ما في آخره ألف، أو ما في آخره ياء أو واو:


١ هو امرؤ القيس. ديوانه ص١٦٤ وشرح الشافية ٢: ٢٠ وشرح شواهده ص١٥٦-١٦٠. يصف فرسًا. وخظا: ارتفع. وقوله كما أكب على ساعديه النمر أي: كأن فوق متنها نمرًا باركًا لكثرة لحم المتن.
٢ من قولك: خظا بظا، إذا كان كثير اللحم صلبه.
٣ لأبي داود الإيادي. شعره ص٢٨٨ وشرح شواهد الشافية ص١٥٧. والزحلوق: الحجر الأملس. ونسب البيت إلى عقبة بن سابق الجرمي في الخيل ص١٥٨ لأبي عبيدة.
٤ لتأبط شرًّا من حماسية. ديوانه ص٨٩ وشرح الحماسة للمرزوقي ص٧٩ وللتبريزي ١: ٧٨ والإسار: الأسر. والمنة: المن بإطلاق السراح.
٥ م: بيضك بيت وبيضي مائتا أي بيتان. وانظر المغني ص٢٣٨.
٦ الخصائص ٢: ٤٣٠ وشرح الحماسة للمرزوقي ص٨٠ وللتبريزي ١: ٧٨ وضرائر الشعر ص١٠٧ وسر الصناعة ص٤٨٧ وشرح القصائد السبع ص٣٠٥ وشرح شواهد الشافية ص١٥٩. واللبن: جمع لبون، وهي ذات اللبن. وثنتا: ثنتان. وهو بدل من بعض.
٧ في النسختين: سمان.
٨ يعني الاعتداد بالحركة العارضة في نحو: رماتا. م: فالأول.

<<  <   >  >>